الحيوان ولم نستغن نحن وما أشبهنا من الحيوان عنه لأنه من عالم الماء والأرض دون عالم الهواء ونحن من عالم الماء والهواء والأرض ونسيم البر لو مر على السمك ساعة لهلك (١) وهو بجملته شره كثير الأكل لبرد مزاج معدته وقربها من فمه وأنه ليس له عنق ولا صوت إذ لا يدخل إلى جوفه هواء البتة ولذلك يقول بعضهم إن السمك لا رئة له كما أن الفرس لا طحال له والجمل لا مرارة له والنعامة لا مخ له.
وصغار السمك تحترس من كباره فلذلك تطلب ماء الشطوط والماء القليل الذي لا يحمل الكبير وهو شديد الحركة لأن قوته المحركة للإرادة تجري في مسلك واحد لا ينقسم في عضو خاص وهذا بعينه موجود في الحيات ومن السمك ما يتولد بسفاد ومنها ما يتولد بغيره إما من الطين أو من الرمل وهو الغالب في أنواعه وغالبا يتولد من العفونات وبيض السمك ليس له بياض ولا صفرة إنما هو لون واحد وفي البحر من العجائب ما لا يستطاع حصره حكى القزويني في عجائب المخلوقات عن عبد الرحمن بن هارون المغربي قال ركبت بحر المغرب فوصلت إلى موضع يقال له البرطون وكان معنا غلام صقلي له صنارة (٢) فألقاها في البحر فصاد بها سمكة نحو الشبر فنظرنا فإذا خلف أذنها اليمنى مكتوب لا إله إلا الله وفي قفاها محمد وفي خلف أذنها اليسرى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣).
١ ـ دعائم الإسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إدمان أكل السمك الطري يذيب الجسد وكان إذا أكل السمك قال اللهم بارك لنا فيه وأبدلنا خيرا منه (٤).
٢ ـ وقال جعفر بن محمد عليهالسلام أكل التمر بعده يذهب أذاه (٥).
٣ ـ وعن جعفر بن محمد عليهالسلام أنه نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت و
__________________
(١) في المصدر : ونسيم البر الذي يعيش به الطير لو دام على السمك ساعة قتله.
(٢) صنارة الصياد : قطعة ملتوية من نحاس أو حديد تنشب في حلق الصيد.
(٣) حياة الحيوان ٢ : ٢٠.
(٤ و ٥) دعائم الإسلام : نسخته ليست عندي.