تعالى مما أنا فيه لا آكل لحم الفيل فانكسرت السفينة وأنجاه الله وجماعة من أهلها إلى الساحل فأقاموا بها أياما من غير زاد فبينما هم كذلك إذا هم بفيل صغير فذبحوه وأكلوا لحمه سوى أبي عبد الله فلم يأكل منه وفاء بالعهد الذي كان منه فلما نام القوم جاءتهم أم ذلك الفيل تتبع أثره وتشم الرائحة فمن وجدت منه رائحة لحمه داسته بيديها ورجليها إلى أن تقتله قال فقتلت الجميع ثم جاءت إلي فلم تجد مني رائحة اللحم فأشارت إلي أن اركبها فركبتها فسارت بي سيرا شديدا الليل كله ثم أصبحت في أرض ذات حرث وزرع فأشارت إلي أن أنزل فنزلت عن ظهرها فحملني أولئك القوم إلى ملكهم فسألني ترجمانه فأخبرته بالقصة فقال لي إن الفيلة سارت بك في هذه الليلة مسيرة ثمانية أيام قال فكنت عندهم إلى أن حملت ورجعت إلى أهلي.
ولما كان في أول المحرم سنة اثنين وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذي القرنين وكان النبي صلىاللهعليهوآله حملا في بطن أمه حضر أبرهة (١) ملك الحبشة يريد هدم الكعبة ومعه (٢) جيش عظيم ومعه فيله محمود وكان قويا عظيما واثنا عشر فيلا غيره وقيل ثمانية وساق الحديث كما مر في كتاب أحوال النبي صلىاللهعليهوآله إلى أن قال ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ودعا الله تعالى ثم قال :
لاهم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك
وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبدا محالك
ثم أرسل حلقة الباب وانطلق هو ومن معه من قريش إلى الجبال وأبرهة (٣)
__________________
(١) في المصدر : وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ حملا في بطن أمه حضر ابرهة الاشرم.
(٢) في المصدر : يريد هدم الكعبة وكان قد بنى كنيسة بصنعاء وأراد أن يصرف إليها الحاج فخرج رجل من بني كنانة فقعد فيها ليلا فأغضبه ذلك وحلف ليهد من الكعبة فخرج ومعه.
(٣) في المصدر : الى الجبال ينظرون ما ابرهة فاعل بمكة إذا دخلها ، فحينئذ جاءت قدرة الواحد الاحد القادر المقتدر فاصبح ابرهة.