يمكن اختراعه بالرأي والنظر ، بل لابد من الاخذ عمن يؤدي عن الله « فالمؤمن يرى » على بناء المجهول أو المعلوم من باب الافعال « يقينه » بالرفع أو النصب « في عمله » بأن يكون موافقا لما صدر عنهم ، ولم يكن مأخوذا من الاراء والمقاييس الباطلة والكافر بعكس ذك « ما عرفوا » أي المخالفون أو المنافقون « أمرهم » أي امور دينهم فروعا واصولا فضلوا وأضلوا لعدم اتباعهم أئمة الهدى ، وأخذهم العلم منهم « فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة » المخالفة لمحكمات الكتاب والسنة ، المبنية على آرائهم الفاسدة ، والمخالفون داخلون في الاول أو في الثاني ، بل فيهما حقيقة.
فأقول روى السيد الرضي رضياللهعنه في نهج البلاغة جزءا من هذا الخبر هكذا وقال عليهالسلام : لانسبن الاسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي : الاسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الاقرار ، والاقرار هو الاداء ، والاداء هو العمل (١).
وقال ابن أبي الحديد : خلاصة هذا الفصل يقتضي صحة مذهب أصحابنا المعتزلة في أن الاسلام والايمان عبارتان عن معنى واحد ، وأن العمل داخل في مفهوم هذه اللفظة ، ألا تراه جعل كل واحدة من اللفظات قائمة مقام الاخرى في إفادة المفهوم كما يقال الليث هو الاسد والاسد هو السبع والسبع هو أبوالحارث فلا شبهة أن الليث يكون أبا الحارث أي أن الاسماء مترادفة ، فاذا كان أول اللفظات الاسلام ، وآخرها العمل ، دل على أن العمل هو الاسلام ، وهكذا يقول أصحابنا : إن تارك العمل أي تارك الواجب لا يسمى مسلما.
فان قلت : كيف يدل على أن الاسلام هو الايمان؟ قلت : لان كل من قال إن العمل داخل في مسمى الاسلام ، قال إن الاسلام هو الايمان.
فان قلت : لم يقل عليهالسلام كما تقوله المعتزلة ، لانهم يقولون الاسلام اسم واقع على العمل وغيره من الاعتقاد والنطق باللسان ، وهو جعل الاسلام هو العمل.
__________________
(١) نهج البلاغة عبده ط مصر ج ٢ ص ١٧١ ، تحت الرقم ١٢٥ من الحكم.