فعالهم ، فقد كان مباحا جائزا ، ولم يكونوا نهوا عنه ، وثوابهم منه على الله ، وذلك أن الله جل وتقدس أمر بخلاف ماعملوا به ، فصار أمره ناسخا لفعلهم ، وكان نهي الله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين ، ونظرا ، لكي لايضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار ، والولدان ، والشيخ الفان ، والعجوز الكبيرة ، الذين لايصبرون على الجوع ، فان تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ، ضاعوا وهلكوا جوعا.
فمن ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الانسان وهو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الانسان على والديه ، ثم الثانية على نفسه وعياله ، ثم الثالثة القرابة وإخوانه المؤمنين ، ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ، ثم الخامس في سبيل الله وهو أخسها أجرا.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله للانصاري حيث أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ، ولم يكن يملك غيرهم ، وله أولاد صغار : لو أعلمتموني أمره ماتركتكم تدفنونه مع المسلمين ، ترك صبية صغارا يتكففون الناس ثم قال : حدثني أبي أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ابدأ بمن تعول الادنى فالادنى.
ثم هذا مانطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه ، مفروض من الله العزيز الحكيم ، قال : « الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما » (١) أفلا ترون أن الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون ( الناس إليه من الاثرة على أنفسهم ، وسمى من فعل ماتدعون ) (٢) إليه مسرفا؟ وفي غير آية من كتاب الله يقول : « إنه لايحب المسرفين » (٣) فنهاهم عن الاسراف ، ونهاهم عن التقتير لكن أمر بين أمرين : لايعطي جميع ماعنده ، ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي صلىاللهعليهوآله.
« إن أصنافا من امتي لايستجاب لهم دعاؤهم : رجل يدعو على والديه
____________________
(١) الفرقان : ٦٧.
(٢) مابين العلامتين ساقط من نسخة التحف والكمبانى ، أضفناه من نسخة الكافي.
(٣) الانعام : ١٤١ ، الاعراف : ٣١.