« وفي خلقكم ومايبث من دابة » (١) أي في خلقه إياكم بما فيكم من بدائع الصنعة ، وما يتعاقب عليكم من غرائب الاحوال ، من مبتدأ خلقكم إلى انقضاء الآجال ، وفي خلق ماتفرق على وجه الارض من الحيوانات على اختلاف أجناسها ومنافعها ، دلالات واضحات على ماذكرنا « لقوم يوقنون » أي يطلبون علم اليقين بالتفكر والتدبر. « لقوم يوقنون » لانهم به (٢) ينتفعون.
« وفي الارض آيات للموقنين » (٣) أي دلائل تدل على عظمة الله وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته « وفي أنفسكم » أي وفي أنفسكم آيات إذ مافي العالم شئ إلا وفي الانسان له نظير يدل دلالته مع ما انفرد به من الهيآت النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة ، والتمكن من الافعال الغريبة ، واستنباط الصنائع المختلفة ، واستجماع الكمالات المتنوعة ، وفي المجمع وتفسير علي بن إبراهيم عن الصادق عليهالسلام : يعني أنه خلقك سميعا بصيرا تغضب وترضى ، وتجوع وتشبع ، وذلك كله من آيات الله (٤) « أفلا تبصرون » أي تنظرون نظر من يعتبر.
« إن هذا لهو حق اليقين » قال في المجمع : أضاف الحق إلى اليقين ، وهما واحد للتأكيد ، أي هذا الذي أخبرتك به من منازل هؤلاء الاصناف الثلاثة هو الحق الذي لاشك فيه ، اليقين الذي لاشبهة فيه ، وقيل : تقديره حق الامر اليقين (٥).
« كلا لو تعلمون علم اليقين » قال الطبرسي قدسسره : أي لو تعلمون الامر علما يقينا لشغلكم ماتعلمون من التفاخر والتباهي بالعز والكثرة ، وعلم اليقين هو
____________________
(١) الجاثية : ٣.
(٢) أى بالقرآن ، والاية هكذا : هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون الجاثية : ١٩.
(٣) الذاريات : ٢٠ و ٢١.
(٤) مجمع البيان ج ٩ ص ١٥٦ ، تفسير القمي ٤٤٨.
(٥) مجمع البيان ج ٩ ص ٢٢٨.