يحتمل النقيض تختلف مراتبه حتى يصل إلى مرتبة اليقين كما أومأنا إليه سابقا.
« وما من شئ أعز من اليقين » أي أقل وجودا في الناس منه أو أشرف منه والاول أظهر إذ اليقين لايجتمع مع المعصية ، لا سيما مع الاصرار عليها ، وتارك ذلك نادر قليل ، بل يمكن أن يدعى أن إيمان أكثر الخلق ليس إلا تقليدا وظنا يزول بأدى وسوسة من النفس والشيطان ، ألا ترى أن الطبيب إذا أخبر أحدهم بأن الطعام الفلاني يضره ويوجب زيادة مرضه أو بطؤبرئه يحتمي من ذلك الطعام بمحض قول هذا الطبيب ، حفظا لنفسه من الضرر الضعيف المتوهم ولا يترك المعصية الكبيرة مع إخبار الله ورسوله وأئمة الهدى عليهمالسلام بأنها مهلكة وموجبة للعذاب الشديد ، وليس ذلك إلا لضعف الايمان وعدم اليقين.
٢ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، والحسين بن محمد ، عن المعلى جميعا ، عن الوشاء عن أبي الحسن عليهالسلام قال : سمعته يقول : الايمان فوق الاسلام بدرجة ، والتقوى فوق الايمان بدرجة ، واليقين فوق التقوى بدرجة ، وماقسم في الناس شئ أقل من اليقين (١).
بيان : يدل على أن التقوى أفضل من الايمان ، والتقوى من الوقاية وهي في اللغة فرط الصيانة ، وفي العرف صيانة النفس عما يضرها في الآخرة ، وقصرها على ماينفعها فيها ، ولها ثلاث مراتب : الاولى وقاية النفس عن العذاب المخلد بتصحيح العقائد الايمانية ، والثانية التجنب عن كل مايؤثم من فعل أو ترك وهو المعروف عند أهل الشرع ، والثالثة التوقي عن كل مايشغل القلب عن الحق وهذه درجة الخواص بل خاص الخاص ، والمراد هنا أحد المعنيين الاخيرين وكونه فوق الايمان بالمعنى الثالث ظاهر على أكثر معاني الايمان التي سبق ذكرها وإن اريد المعنى الثاني فالمراد بالايمان إما محض العقائد الحقة أو مع فعل الفرائض وترك الكبائر ، بأن يعتبر ترك الصغائر أيضا في المعنى الثاني ، وقيل : باعتبار أن الملكة معتبرة فيها لا فيه ، ولا يخفى مافيه.
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٥١.