تحصل للتجار في تجارتهم وبعبارة اخرى أنا مقصوده في تجارته المعنوية بدلا عما يقصده التجار من أرباحهم الدنيوية « فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين » الرابع أن المعنى كنت له بعد أن أسوق إليه أرباح التاجرين فتجتمع له الدنيا و الآخرة ، وهي التجارة الرابحة.
« وأتته الدنيا وهي راغمة » أي ذليلة منقادة كناية عن تيسر حصولها بلا مشقة ولا ذلة أو مع هوانها عليه وليست لها عنده منزلة لزهده فيها ، أو مع كرهها كناية عن بعد حصولها له بحسب الاسباب الظاهرة ، لعدم توسله بأسباب حصولها وهذا معنى لطيف وإن كان بعيدا وفي القاموس الرغم الكره ويثلث كالمرغمة رغمه كعلمه ومنعه كرهه والتراب كالرغام ورغم أنفي لله مثلثة ذل عن كره وأرغمه الله أسخطه ورغمته فعلت شيئا على رغمه ، وفي النهاية أرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام ، وهو التراب ، هذا هو الاصل ثم استعمل في الذل والعجر عن الانتصاف والانقياد على كره.
١٩ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن يحيى بن عقيل قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إنما أخاف عليكم اثنتين ابتاع الهوى وطول الامل ، أما اتباع الهوى فانه يصد عن الحق وأما طول الامل فينسي الآخرة (١).
بيان : « أما اتباع الهوى فانه يصد عن الحق » لان حب الدنيا وشهواتها يعمي القلب عن رؤية الحق وتمنع النفس عن متابعته ، فان الحق والباطل متقابلان والآخرة والدنيا ضرتان متنافرتان والدنيا مع أهل الباطل ، فاتباع الهوى إما يصير سببا لاشتباه الحق بالباطل في نظره ، أو يصير باعثا على إنكار الحق مع العلم به والاول كعوام أهل الباطل ، والثاني كعلمائهم.
« وطول الامل » أي ظن البقاء في الدنيا وتوقع حصول المشتهيات فيها بالاماني الكاذبة الشيطانية ينسي الموت والآخرة وأهوالهما ، فلا يتوجه إلى تحصيل
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣٣٦.