« ولا يحصل أحدكم » أي لايبعثه ويحدوه ، والمصدر المسبوك من « أن » المصدرية ومعمولها منصوب بنزع الخافض ، أي لايبعثكم استبطاء الرزق على طلبه من غير حله ، وسيأتي في خبر آخر ولا يحملنكم استبطاء شئ من الرزق أن تطلبوه بشئ من معصية الله فان الله تعالى قسم الارزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما ومن اتقى الله وصبر أتاه رزقه من حله ، ومن هتك حجاب ستر الله عزوجل وأخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة.
وأقول : هذه الجمل كالتفسير لقوله عليهالسلام : « فانه لايدرك ماعند الله » أي من الثواب الجزيل والرزق الحلال « إلا بطاعته » في الاوامر والنواهي ، والحاصل أن قوله : « ماعند الله » يحتمل الرزق الحلال والدرجات الاخروية والاعم والاول أوفق بالتعليل ، وكذا الثالث ، وإن كان الثاني أظهر في نفسه.
واعلم أن الرزق عند المعتزلة كل ماصح الانتفاع به بالتغدي وغيره ، وليس لاحد منعه منه ، وليس الحرام عندهم رزقا ، والحديث يدل عليه. وعند الاشاعرة كل ماينتفع به ذو حياة بالتغذي وغيره ، وإن كان حراما ، وخص بعضهم بالاغذية والاشربة وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب المكاسب إنشاء الله تعالى.
٤ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن سالم ، وأحمد بن أبي عبدالله عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال لي : يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ماشيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخضع والامانة ، وكثرة ذكر الله ، والصوم ، والصلاة ، والبر بالوالدين ، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة ، والغارمين ، والايتام وصدق الحديث ، وتلاوة القرآن ، وكف الالسن عن الناس ، إلا من خير ، وكانوا امناء عشائرهم في الاشياء.
قال جابر : فقلت : يا ابن رسول الله مانعرف اليوم أحدا بهذه الصفة ، فقال عليهالسلام : يا جابر لاتذهبن بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول : احب