فأوغلوا فيه برفق ، ولاتكرهوا عبادة الله إلى عباد الله ، فتكونوا كالراكب المنبت الذي لاسفرا قطع ، ولاظهرا أبقى.
وبالاسناد ، عن ابن سنان ، عن مقرن ، عن محمدبن سوقه ، عن أبي جعفر عليهالسلام مثله (١).
بيان : قال في النهاية المتين الشديد القوي وقال : فيه إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، الايغال السير الشديد يقال : أوغل القوم وتوغلوا إذا أمعنوا في سيرهم ، والوغول الدخول في الشئ وقد وعل يغل وغولا ، يريد سرفيه برفق وابلغ الغاية القصوى منه بالرفق ، لاعلى سبيل التهافت والخرق ، ولا تحمل نفسك ولاتكلفها مالاتطيقه فتعجز ، وتترك الدين والعمل.
وقال : فيه فان المنبت لا أرضا قطع ولاظهرا أبقى ، يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته : قد أنبت من البت القطع ، وهو مطاوع بت يقال : بته وأبته يريد أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده ، لم يقض وطره ، وقد أعطب ظهره انتهى.
« ولاتكرهوا عبادة الله » كأن المعنى أنكم إذا أفرطتم في الطاعات ، يريد الناس متابعتكم في ذلك فيشق عليهم ، فيكرهون عبادة الله ويفعلونها من غير رغبة وشوق ، ويحتمل أن يكون أوغلوا في فعل أنفسهم ، ولاتكرهوا في دعوة الغير أي لاتحملوا على الناس في تعليمهم وهدايتهم فوق سعتهم ، ومايشق عليهم ، كما مرفي حديث الرجل الذي هدى النصراني في باب درجات الايمان (٢).
ويحتمل أن يكون عباد الله شاملا لانفسهم أيضا ، ويمكن أن يكون الايغال هنا متعديا أي أدخلوا الناس فيه ، برفق ليوافق الفقرة الثانية ، قال في القاموس : وغل في الشئ يغل وغولا : دخل وتوارى ، أو بعد وذهب وأوغل في البلاد والعلم ذهب وبالغ وأبعد كتوغل ، وكل داخل مستعجلا موغل ، وقد أوغلته الحاجة.
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٨٦.
(٢) راجع ج ٦٩ ص ١٦١.