فربما يتمكن منها الشيطان غاية التمكن حتى يصرفها عن تلك الارادة ، ويكفها عن هذه السعادة ، وهي مجربة مشاهدة في أكثر الناس إلا من عصمه الله « لايكفاه » أي لايمنعاه.
٣٨ ـ كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود قال : سمعت أباجعفر عليهالسلام يقول : من هم بشئ من الخير فليعجله ، فان كل شئ فيه تأخير فان للشيطان فيه نظرة (١).
بيان : « فان للشيطان فيه نظرة » بسكون الظاء أي فكرة لاحداث حيلة يكف بها العبد عن الاتيان بالخير ، أو بكسرها يعني مهلة يتفكر فيها لذلك أو بالتحريك بمعنى الحكم أو بمعنى الفكر أو بمعنى الانتظار والكل مناسب ، قال في القاموس نظره كضربه وسمعدو إليه نظرا ومنظرا تأمله بعينه ، وبينهم حكم ، والنظر محركة الفكر في الشئ تقدره وتقيسه ، والانتظار والحكم بين القوم والاعانة والفعل كنصر والنظرة كفرحة التأخير في الامر والنظرة الهيئة (٢).
٣٩ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن محمدبن الحسين ، عن علي بن أسباط ، عن العلا ، عن محمدبن مسلم قال : سمعت أباجعفر عليهالسلام يقول : إن الله ثقل الخير على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة ، وإن الله خفف الشر على أهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة (٣).
تبيين : « ثقل الخير على أهل الدنيا » أي على جميع المكلفين في الدنيا بأن جعل ماكلفهم به مخالفا لمشتهيات طباعهم وإن كان المقربون لقوة عقولهم وكثرة علومهم ورياضاتهم غلبوا على أهوائهم ، وصار عليهم خفيفا ، بل يلتذون به ، أو المراد بأهل الدنيا الراغبون فيها والطالبون مع ذلك للاخرة ، فهم يزجرون أنفسهم على ترك الشهوات ، فالحسنات عليهم ثقيلة والشرور عليهم خفيفة.
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ١٤٣.
(٢) القاموس ج ٢ ص ١٤٤.
(٣) الكافى ج ٢ ص ١٤٣.