النبه بالضم ونبه باسمه تنبيها نوه انتهى والتفكر إعمال الفكر فيما يفيد العلم به قوة الايمان واليقين ، والزهد في الدنيا ، والرغبة في الاخرة.
قال الغزالي : حقيقة التفكر طلب علم غير بديهي من مقدمات موصلة إليه كما إذا تفكر أن الاخرة باقية والدنيا فانية ، فانه يحصل له العلم بأن الاخرة خير من الدنيا ، وهويبعثه على العمل للاخرة فالتفكر سبب لهذا العلم ، وهذا العمل حالة نفسانية ، وهوالتوجه إلى الاخرة ، وهذه الحالة تقتضي العمل لها وقس على هذا ، فالتفكر موجب لتنور القلب وخروجه من الغفلة وأصل لجميع الخيرات.
وقال المحقق الطوسي قدسسره : التفكر سير الباطن من المبادي إلى المقاصد ، وهوقريب من النظر ، ولايرتقي أحد من النقص إلى الكمال إلا بهذا السير ، ومباديه الافاق والانفس ، بأن يتفكر في أجزاء العالم وذراته ، وفي الاجرام العلوية من الافلاك والكواكب ، وحركاتها وأوضاعها ومقاديرها واختلافاتها ومقارناتها ومفارقانها وتأثيراتها وتغييراتها ، وفي الاجرام السفلية وترتيبها وتفاعلها وكيفياتها ومركباتها ومعدنياتها وحيواناتها ، وفي أجزاء الانسان وأعضائه من العظام والعضلات والعصبات والعروق ، وغيرها ممالايحصى كثرة ويستدل بها وبما فيها من المصالح والمنافع والحكم والتغيير على كمال الصانع وعظمته وعلمه وقدرته وعدم ثبات ماسواه.
وبالجملة التفكر فيما ذكر ونحوه من حيث الخلق والحكمة والمصالح أثره العلم بوجود الصانع وقدرته وحكمته ، ومن حيث تغيره وانقلابه وفنائه بعد وجوده أثره الانقطاع منه ، والتوجه بالكلية إلى الخالق الحق.
ومن هذا القبيل التفكر في أحوال الماضين ، وانقطاع أيديهم عن الدنيا وما فيها ، ورجوعهم إلى دار الاخرة ، فإنه يوجب قطع المحبة عن غير الله والانقطاع إليه بالتقوى والطاعة ، ولذا أمر بهما بعد الامر بالتفكر ، ويمكن تعميم التفكر بحيث يشمل التفكر في معاني الايات القرآنية والاخبار النبوية والاثار المروية