وقال النبي صلىاللهعليهوآله : لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة ، وما نجامن نجا إلا بصدق الالتجاء.
وقال نوح عليهالسلام : وجدت الدنيا كبيت له بابان : دخلت من أحدهما وخرجت من الاخر ، هذا حال صفى الله ، كيف حال من اطمأن فيها وركن إليها ، وأضاع عمره في عمارتها ومزق دينه في طلبها.
والفكرة مرآت الحسنات وكفارة السيئات وضياء القلوب وفسحة الخلق وإصابة في صلاح المعاد ، واطلاع على العواقب ، واستزادة في العلم ، وهي خصلة لايعبدالله بمثلها.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فكرة ساعة خير من عبادة سنة ، ولاينال منزلة التفكر إلا من قد خصه الله بنور المعرفة والتوحيد (١).
٢١ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المعتبر في الدنيا عيشه فيها كعيش النائم يراها ولايمسها ، وهويزيل عن قلبه ونفسه باستقباحه معاملات المغرورين بها مايورثه الحساب والعقاب ، ويتبدل بها ما يقربه من رضى الله وعفوه ، ويغسل بماء زوالها مواضع دعوتها إليه ، وتزيين نفسها إليه فالعبرة يورث صاحبها ثلاثة أشياء ، العلم بمايعمل ، والعمل بمايعلم ، وعلم ما لم يعلم.
والعبرة أصلها أول يخشى آخره ، وآخر يحقق الزهد في أوله ، ولايصح الاعتبار إلا لاهل الصفا والبصيرة ، قال الله عزوجل : « فاعتبروا يا اولي الابصار » (٢) وقال جل اسمه : « فانها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور » (٣) فمن فتح الله عين قلبه وبصيرة عينه بالاعتبار ، فقد أعطاه
___________________
(١) مصباح الشريعة ص ٢٠.
(٢) الحشر : ٢.
(٣) الحج : ٤٦.