٤ ـ فتح : روي أن لقمان الحكيم قال لولده في وصيته : لاتعلق قلبك برضى الناس ومدحهم وذمهم ، فان ذلك لايحصل ولو بالغ الانسان في تحصيله بغاية قدرته فقال ولده مامعناه : احب أن أرى لذلك مثالا أوفعالا أومقالا ، فقال له : أخرج أنا وأنت ، فخرجا ومعهما بهيم فركبه لقمان وترك ولده يمشي وراءه.
فاجتازوا على قوم فقالوا : هذا شيخ قاسي القلب ، قليل الرحمة ، يركب هوالدابة وهوأقوى من هذا الصبي ، ويترك هذا الصبي يمشي وراءه ، وإن هذا بئس التدبير ، فقال لولده : سمعت قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك؟ فقال : نعم فقال : اركب أنت ياولدي حتى أمشي أنا ، فركب ولده ومشى لقمان.
فاجتازوا على جماعة اخرى فقالوا : هذابئس الوالد ، وهذا بئس الولد. أما أبوه فانه ما أدب هذا الصبي حتى يركب الدابة ويترك والده يمشي وراءه ، والوالد أحق بالاحترام والركوب ، وأما الولد فلانه عق والده بهذه الحال فكلاهما أساءا في الفعال ، فقال لقمان لولده : سمعت؟ فقال : نعم ، فقال : نركب معا الدابة فركبا معا.
فاجتازوا على جماعة فقالوا : مافي قلب هذين الراكبين رحمة ، ولاعندهم من الله خبر ، يركبان معا الدابة يقطعان ظهرها ، ويحملانها مالاتطيق ، لوكان قدركب واحد ومشى واحد كان أصلح وأجود ، فقال : سمعت؟ فقال : نعم ، فقال : هات حتى نترك الدابة تمشي خالية من ركوبنا ، فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان.
فاجتازوا على جماعة فقالوا : هذا عجيب من هذين الشخصين يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب ويمشيان ، وذموهما على ذلك كما ذموهما على كل ماكان فقال لولده : ترى في تحصيل رضاهم حيلة لمحتال ، فلاتلتفت إليهم واشتغل برضا الله جل جلاله ، ففيه شغل شاغل ، وسعادة وإقبال في الدنيا ويوم الحساب والسؤال.
٥ ـ فتح : روي أن موسى عليهالسلام قال : يارب احبس عني ألسنة بني آدم فانهم يذموني ـ وقد اوذي كما قال الله جل جلاله عنهم : « لاتكونوا كالذين آذوا