صالح ، عن محمدبن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام : قال إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا (١).
بيان : الخلق بالضم يطلق على الملكات والصفات الراسخة في النفس ، حسنة كانت أم قبيحة ، وهي في مقابلة الاعمال ، ويطلق حسن الخلق غالبا على مايوجب حسن المعاشرة ومخالطة الناس بالجميل.
قال الراغب : الخلق والخلق في الاصل واحد ، لكن خص الخلق بالهيئات والاشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة (٢).
وقال في النهاية : فيه ليس شئ في الميزان أثقل من حسن الخلق الخلق بضم اللام وسكونها الدين والطبع والسجية وحقيقته أنه لصورة الانسان الباطنة وهي نفسها وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولهما أوصاف حسنة وقبيحة ، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولهذا تكررت الاحاديث في مدح حسن الخلق في غير موضع ، كقوله « أكثر مايدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق » وقوله « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا » وقوله « إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم » وقوله : « بعثت لاتمم مكارم الاخلاق » وأحاديث من هذا النوع كثيرة ، وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة انتهى.
وقيل : حسن الخلق إنما يحصل من الاعتدال بين الافراط والتفريط في القوة الشهوية والقوة الغضبية ، ويعرف ذلك بمخالطة الناس بالجميل والتودد والصلة والصدق واللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة والمراعاة والمساواة والرفق والحلم والصبر والاحتمال لهم والاشفاق عليهم ، وبالجملة هي حالة نفسانية يتوقف حصولها على اشتباك الاخلاق النفسانية بعضها ببعض ، ومن ثم قيل : هو حسن الصورة
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٩٩.
(٢) مفردات غريب القرآن ١٥٨.