والشكر والطاعة ، فكان موقنا بجميع ذلك ، ولم يأت بما ينافيه من التوسل إلى المخلوقين ورعاية رضاهم دون رضا رب العالمين أو معه ، فلذلك صار سببا لنجاته وتسمية الله له شكورا.
وربما يقرأ صدق على بناء التفعيل ، كماقال بعض الافاضل : لعله عليهالسلام أشار بآخر الحديث إلى تسمية نوح بنجي الله ويستفاد منه أن هذه الكلمات تصديق لله سبحانه فيما وصف الله به نفسه ، وشهد به من التوحيد ، وقال آخر : تصديقه في تكاليفه عبارة عن الاقرار بها ، والاتيان بمقتضاها وفي نعمائه عبارة عن معرفتها بالقلب ومقابلتها بالشكر والثناء انتهى ولايخفى أن ماذكرنا أظهر.
٢٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان ابن عيينة ، عن عمار الدهني قال : سمعت علي بن الحسين عليهماالسلام يقول : إن الله يحب كل قلب حزين ، ويحب كل عبدشكور ، يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة : أشكرت فلانا؟ فيقول : بل شكرتك يارب ، فيقول : لم تشكرني إذلم تشكره ، ثم قال : أشكر كم لله أشكر كم للناس (١).
بيان : « كل قلب حزين » أي لامور الاخرة متفكر فيها وفيما ينجي من عقوباتها غير غافل عمايراد بالمرء ومنه لامحزون بامور الدنيا وإن احتمل أن يكون المعنى إذا أحب الله عبدا ابتلاه بالبلايا فيصير محزونا لكنه بعيد « كل عبدشكور » أي كثير الشكر بحيث يشكر الله ويشكر وسائط نعم الله كالنبي صلىاللهعليهوآله والائمة عليهمالسلام والوالدين وأرباب الاحسان من المخلوقين.
وفي الاخبار ظاهرا تناف في هذا المطلب لورود هذا الخبر وأمثاله ، وقد روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ولايحمد حامد إلا ربه (٢) ومثله كثير ويمكن الجمع بينها بأنه إذا حمد المخلوق وشكره لان مولى النعم أمر بشكره فقدشكر ربه ، ويحتمل أن يكون هذا هو المراد بقوله : « لم تشكرني إذلم تشكره » أوتكون أخبار الشكر محمولة على أن يشكرهم باعتقاد أنهم وسائط
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٩٩ (٢) نهج البلاغة ج ١ ص ٥٢.