الاخرة : (١).
بيان : « صبر قليلا » نصب « قليلا » إما على المصدرية أو الظرفية أي صبر صبرا قليلا أوزمانا قليلا وهوزمان العمر أوزمان البلية « في جميع امورك » فان كل مايصدر عنه من الفعل والترك والعقد ، وكل مايردعليه من المصائب والنوائب من قبله تعالى أو من قبل غيره ، يحتاج إلى الصبر ، إذلايمكنه تحمل ذلك بدون جهاده مع النفس والشيطان ، وحبس النفس عليه « واصبر على مايقولون » أي من الخرافات والشتم والايذاء « واهجرهم هجرا جميلا » بأن تجانبهم وتداريهم ولاتكافيهم ، وتكل أمرهم إلى الله كماقال : « وذرني والمكذبين » أي دعني وإياهم ، وكل إلي أمرهم فاني اجازيهم في الدنيا والاخرة « اولي النعمة » النعمة بالفتح لين الملمس أي المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا ، وهم صناديد قريش وغيرهم « ادفع » أول الاية هكذا « ولاتستوي الحسنة ولا السيئة » أي في الجزاء وحسن العاقبة « ولا » الثانية مزيدة لتأكيد النفي « ادفع بالتي هي أحسن السيئة » كذا في أكثر نسخ الكتاب وتفسير علي بن إبراهيم (٢) والسيئة غير مذكورة في المصاحف ، وكأنه عليهالسلام زادها تفسيرا وليست في بعض النسخ وهوأظهر ، وقيل المعنى ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها ، وهي الحسنة على أن المراد بالاحسن الزائد مطلقا أو بأحسن مايمكن دفعها به من الحسنات ، وإنما اخرج مخرج الاستيناف ، على أنه جواب من قال كيف أصنع للمبالغة ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة كذا ذكره البيضاوي.
وقيل : اسم التفضيل مجرد عن معناه أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه على سبيل الفرض أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو أو المكافات ، وتلك الحسنة هي الاحسان في مقابل الاساءة ومعنى التفضيل حينئذ بحاله لان كلا من العفو والمكافات أيضا حسنة إلا أن الاحسان أحسن منهما ، وهذا قريب
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٨٨.
(٢) تفسير القمى ص ١٨٤.