في مقابلة حب الطبع لزوال النعمة عن العدو ، وتلك الكراهة تمنعه من البغي ومن الايذاء ، فان جميع ما ورد في الاخبار في ذم الحسد يدل ظاهرها على أن كل حاسد آثم ، والحسد عبارة عن صفة القلب لا عن الافعال فكل محب لمساءة المسلمين فهو حاسد ، فأما كونه حاسدا بمجرد حسد القلب من غير فعل فهو في محل النظر والاشكال.
وقد عرفت من هذا أن لك في أعدائك ثلاثة أحوال : أحدها أن تحب مساءتهم بطبعك ، وتكره حبك لذلك وميل قلبك إليه بعقلك ، وتمقت نفسك عليه ، وتود لو كانت لك حيلة في إزالة ذلك الميل منك وهذا معفو عنه قطعا لانه لا يدخل تحت الاختيار أكثر منه.
الثانية أن تحب ذلك وتظهر الفرح بمساءته إما بلسانك أو بجوارحك فهذا هو الحسد المحظور قطعا.
الثالثة وهي بين الطرفين أن تحسد بالقلب من غير مقتك لنفسك على حسدك ومن غير إنكار منك على قلبك ، ولكن تحفظ جوارحك عن طاعة الحسد في مقتضاها وهذا محل الخلاف ، وقيل : إنه لا يخلو عن إثم بقدر قوة ذلك الحب وضعفه.
٢ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عليهالسلام قال : إن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب (١).
٣ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : اتقوا الله ، ولا يحسد بعضكم بعضا إن عيسى بن مريم كان من شرايعه السيح في البلاد ، فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير ، وكان كثير اللزوم لعيسى بن مريم فلما انتهى عيسى إلى البحر قال : بسم الله ، بصحة يقين منه ، فمشى [ على ظهر الماء ، فقال الرجل القصير
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣٠٦.