«فرمس في الماء» أي غمس فيه على بناء المجهول فيهما ، لا يقال : سيأتي عدم المؤاخذة بالخطورات القلبية [ وقصد المعصية ، وهنا أخذ بها ، لان الظاهر أن قوله «فقال» المراد به الكلام النفسي ، لانا نقول : الافعال القلبية ] (١) التي لا مؤاخذة بها هي التي تتعلق بارادة المعاصي أو كان محض خطور من غير أن يصير سببا لشكه في العقايد الايمانية ، أو حدث خلل فيها ، وههنا ليس كذلك ، مع أنه لا يدل ما سيأتي إلا على أنه لا يعاقب بها ، وهو لا ينافي حط منزلته عن صدر مثل هذه الغرائب منه.
وقوله عليهالسلام : يا قصير! دل على جواز مخاطبة الانسان ببعض أوصافه المشهورة لا على وجه الاستهزاء والظاهر أن ذلك كان تأديبا له ، قوله عليهالسلام «وعاد» أي في نفسه واعتقاده «إلى مرتبته» أي الاقرار بحط نفسه عن الارتقاء إلى درجة النبوة وسلم لعيسى عليهالسلام فضله ونبوته ، وترك الحسد له.
٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر (٢).
بيان : قوله : كاد الفقر أن يكون كفرا أقول : هذه الفقرة تحتمل وجوها الاول ما خطر بالبال أن المراد به الفقر إلى الناس ، وهذا هو الفقر المذموم فان سؤال الخلق ، وعدم التوجه إلى خالقه ، ومن ضمن رزقه ، في طلب الرزق وسائر الحوائج نوع من الكفر والشرك ، لعدم الاعتماد على الله سبحانه وضمانه ، وظنه أن المخلوق العاجز قادر على إنجاح حوائجه وسوق الرزق إليه ، بدون تقديره وتيسيره وتسبيبه ، فبعضها يقرب من الكفر ، وبعضها من الشرك.
الثاني أن المراد به الفقر القاطع لعنان الاصطبار ، وقد وقعت الاستعاذة منه.
وأما الفقر الممدوح ، فهو المقرون بالصبر ، قال الغزالي : سبب ذلك أن
____________________
(١) ما بين العلامتين أضفناه من شرح الكافي ج ٢ ص ٢٨٨.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٣٠٧.