كفقر القلب ، ولا غنى كغنى النفس ، ولا قوة كغلبة الهوى ، ولا نور كنور اليقين ولا يقين كاستصغارك الدنيا ، ولا معرفة كمعرفتك بنفسك ، ولا نعمة كالعافية ، ولا عافية كمساعدة التوفيق ، ولا شرف كبعد الهمة ، ولا زهد كقصر الامل ، ولا حرص كالمنافسة في الدرجات (١) ولا عدل كالانصاف ، ولا تعدي كالجور ، ولا جور كموافقة الهوى ، ولا طاعة كأداء الفرائض ، ولا خوف كالحزن ، ولا مصيبة كعدم العقل ، ولا عدم عقل كقلة اليقين ، ولا قلة يقين كفقد الخوف ، ولا فقد خوف كقلة الحزن على فقد الخوف ، ولا مصيبة كاستهانتك بالذنب ورضاك بالحالة التي أنت عليها ، ولا فضيلة كالجهاد ، ولا جهاد كمجاهدة الهوى ، ولا قوة كرد الغضب ، ولا معصية كحب البقاء (٢) ولاذل كذل الطمع ، وإياك والتفريط عند إمكان الفرصة ، فإنه ميدان يجري لاهله بالخسران.
٢ ـ ف (٣) : ومن كلامه عليهالسلام لجابر أيضا خرج يوما وهو يقول : أصبحت والله يا جابر محزونا مشغول القلب ، فقلت : جعلت فداك ما حزنك وشغل قلبك كل هذا علي الدنيا؟ فقال عليهالسلام : لا يا جابر ولكن حزن هم الاخرة ، يا جابر من دخل قلبه خالص حقيقة الايمان شغل عما في الدنيا من زينتها ، إن زينة زهرة الدنيا إنما هو لعب ولهو ، وإن الدار الاخرة لهي الحيوان. يا جابر إن المؤمن لا ينبغي له أن يركن ويطمئن إلى زهرة الحياة الدنيا. واعلم أن أبناء الدنياهم أهل غفلة وغرور وجهالة ، وأن أبناء الاخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون ، أهل العلم والفقه ، وأهل فكرة واعتبار واختبار ، لا يملون من ذكر الله.
____________________
(١) المنافسة : المفاخرة والمباراة.
(٢) يعنى البقاء في هذه الدنيا الدنية لاستلزامه البعد عن جوار الرب تعالى.
(٣) التحف ص ٢٨٦ ورواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ١٣٣ عن ابى عبدالله المؤمن عن جابر «قال : دخلت على ابى جعفر عليهالسلام فقال : يا جابر والله انى لمحزون و انى لمشغول القلب ... الخ» ورواه على بن عيسى الاربلى في كشف الغمة أيضا مع اختلاف.