٤ ـ ف (١) : موعظة : وحضره ذات يوم جماعة من الشيعة فوعظهم وحذرهم وهم ساهون لاهون ، فأغاظه ذلك فأطرق مليا ، ثم رفع رأسه إليهم ، فقال : إن كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتا. ألا يا أشباحا بلا أرواح ، و ذبابا بلا مصباح كأنكم خشب مسندة (٢) وأصنام مريدة ، ألا تأخذون الذهب من الحجر؟ ألا تقتبسون الضياء من النور الازهر ،؟ ألا تأخذون اللؤلؤ من البحر؟ خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها ، فإن الله يقول : «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله (٣)».
ويحك يا مغرور ألا تحمد من تعطيه فانيا ويعطيك باقيا ، درهم يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف مضاعفة من جواد كريم ، آتاك الله عند مكافأة (٤) ، هو مطعمك وساقيك وكاسيك ومعافيك وكافيك وساترك ممن يراعيك ، من حفظك في ـ ليلك ونهارك ، وأجابك عند اضطرارك ، وعزم لك على الرشد في اختبارك. كأنك قد نسيت ليالي أوجاعك وخوفك دعوته فاستجاب لك ، فاستوجب بجميل صنيعه الشكر ، فنسيته فيمن ذكر ، وخالفته فيما أمر.
ويلك إنما أنت لص من لصوص الذنوب (٥) كلما عرضت لك شهوة أو
____________________
(١) التحف ص ٢٩١.
(٢) شبههم عليهالسلام في عدم الانتفاع بهم بالخشب المسندة إلى الحائط والاصنام المنحوتة من الخشب وان كانت هياكلهم معجبة وألسنتهم ذلقة. وفى بعض النسخ «و اصنام مربذة».
(٣) سورة الزمر : ١٨.
(٤) اشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة : ٢٦١. «مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم».
(٥) اللص ـ بالكسر ـ : فعل الشئ في ستر ـ ومنه قيل للسارق : لص. وجمعه لصوص.