ارتكاب ذنب سارعت إليه وأقدمت بجهلك عليه ، فارتكبته كأنك لست بعين الله ، أو كأن الله ليس لك بالمرصاد ، يا طالب الجنة ما أطول نومك وأكل مطيتك ، وأوهى همتك (١) فلله أنت من طالب ومطلوب ، ويا هاربا من النار ما أحث مطيتك إليها ، وما أكسبك لما يوقعك فيها. انظروا إلي هذه القبور سطورا بأفناء الدور ، تدانوا في خططهم (٢) وقربوا في مزارهم ، وبعدوا في لقائهم ، عمروا فخربوا ، وأنسوا فأوحشوا ، وسكنوا فازعجوا ، وقطنوا فرحلوا (٣) فمن سمع بدان بعيد وشاحط قريب (٤) ، وعامر مخرب ، وآنس موحش ، وساكن مزعج ، و قاطن مرحل غير أهل القبور؟.
يا ابن الايام الثلاث : يومك الذي ولدت فيه ، ويومك الذي تنزل فيه قبرك ويومك الذي تخرج فيه إلى ربك ، فياله من يوم عظيم.
يا ذوي الهيئة المعجبة ، والهيم المعطنة (٥) مالي أرى أجسامكم عامرة وقلوبكم دامرة ، أوما والله لو عاينتم ما أنتم ملاقوه ، وما أنتم إليه صائرون لقلتم : «يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (٦)» وقال جل من قائل : «بل بدالهم ما كانوا يخفون ـ ولوا ردوا لعادوا لمما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (٧)».
____________________
(١) أوهى فلانا : أضعفه وجعله واهيا.
(٢) الخطط : جمع خطة ـ بالكسر ـ : ما يخيطه الانسان من الارض ليعلم أنه قد أحتازها ليبنيها دارا. والارض التى تنزلها ولم ينزلها نازل قبلك ـ وبالضم ـ : الامر والخصلة.
(٣) القاطن : المقيم.
(٤) الشاحط : البعيد.
(٥) الهيم : الابل العطاش. العطن ـ بالنحريك ـ : وطن الابل ومبركها حول الماء. وأعطنت الابل : حبسها عند الماء فبركت بعد الورود. وعطنت الابل : رويت ثم بركت.
(٦) سورة الانعام : ٢٧.
(٧) سورة الانعام. ٢٨.