وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم ، وعليكم بمجاملة (١) أهل الباطل ، تحملوا الضيم منهم ، وإياكم ومما ظتهم ، دينوا فيما بينكم وبينهم إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام ، فإنه لا بد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها فيما بينكم و بينهم ، فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم سيوذونكم وتعرفون في وجوههم المنكر و لولا أن الله تعالى يدفعهم عنكم لسطوا (٢) بكم وما في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم ، مجالسكم ومجالسهم واحدة ، وأرواحكم وأرواحهم مختلفة لا تأتلف ، لا تحبونهم أبدا ولا يحبونكم ، غير أن الله تعالى أكرمكم بالحق و بصركموه ولم يجعلهم من أهله فتحاملونهم وتصبرون عليهم ولا مجاملة لهم ولا صبر لهم على شئ (٣) وحيلهم ووسواس بعضهم إلى بعض فإن أعداء الله إن استطاعوا صدوكم عن الحق ، يعصمكم الله من ذلك.
فاتقوا الله وكفوا ألسنتكم إلا من خير وإياكم أن تذلقوا (٤) ألسنتكم
____________________
(١) المجاملة : المعاملة بالجميل. والضيم : الظلم. والمماظة بالمعجمة ـ : شدة المنازعة والمخاصمة مع طول اللزوم. وقوله «بالتقية» متعلق بدينوا. وما بينهما معترض.
(٢) السطو : القهر. أى وثبوا عليكم وقهروكم.
(٣) اعلم أن الحديث ـ كما قاله المؤلف ـ قد اختل نظمه وترتيبه بسبب تقديم بعض الورقات وتأخير بعضها. وفى بعض النسخ المصححة التى رآها المؤلف قوله «لا صبر لهم» متصل بقوله (في ص ٢٢١) «من اموركم» هكذا «ولا صبر لهم على شئ من اموركم تدفعون أنتم السيئة ـ الخ». وهو الصواب. اه. هذا. وقد يخطر بالبال من اختلاط بعض فصوله واندماج بعض جمله واختلاف نسخه أن أصل الكتاب صدر من الامام عليهالسلام لكن لم يخل عن تصرف بعض الرواة أو الناسخين الاولين بتفسير بعض الجمل وادخاله في المتن.
(٤) «تذلقوا» في أكثر نسخ المصدر «تزلقوا» بالزاى المعجمة.