المؤمنين حقا.
وإياكم والاصرار على شئ مما حرم الله في ظهر القرآن وبطنه وقد قال الله تعالى : «ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (١)» ( إلى ههنا رواية قاسم بن ـ الربيع ) (٢) يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئا مما اشترط الله في كتابه عرفوا أنهم قد عصوا في تركهم ذلك الشئ فاستغفروا ولم يعودوا إلى تركه فذلك معنى قول الله عزوجل : «ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون».
واعلموا أنه إنما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به ولينتهي عما نهى عنه ، فمن اتبع أمره فقد أطاعه وقد أدرك كل شئ من الخير عنده ، ومن لم ينته عما نهى الله عنه فقد عصاه ، فإن مات على معصيته أكبه الله على وجهه في النار.
واعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك من خلقه كلهم إلا طاعتهم له ، فاجتهدوا في طاعة الله إن سركم أن تكونوا مؤمنين حقا حقا ، ولا قوة إلا بالله.
وقال عليهالسلام : وعليكم بطاعة ربكم ما استطعتم فإن الله ربكم.
واعلموا أن الاسلام هو التسليم والتسليم هو الاسلام ، فمن سلم فقد أسلم ، ومن لم يسلم فلا إسلام له ، ومن سره أن يبلغ إلى نفسه في الاحسان فليطع الله فانه من أطاع الله فقد أبلغ إلى نفسه في الاحسان ، وإياكم ومعاصي الله أن تركبوها فانه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الاساءة إلى نفسه وليس بين الاحسان والاساءة منزلة ، فلاهل الاحسان عند ربهم الجنة ، ولاهل الاساءة عند ربهم النار ، فاعملوا بطاعة الله واجتنبوا معاصيه ، اعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئا ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك ، فمن سره أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه.
____________________
(١) آل عمران : ١٤٥.
(٢) أى ما يذكر بعده لم يكن في رواية القاسم بل كان في رواية حفص و اسماعيل.