واعلموا أن أحدا من خلق الله لم يصب رضى الله إلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد عليهمالسلام ومعصيتهم من معصية الله ولم ينكر لهم فضلا عظم أو صغر.
واعلموا أن المنكرين هم المكذبون وأن المكذبين هم المنافقون وأن الله قال للمنافقين ـ وقوله الحق ـ : «إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا (١)» ولا يفرقن (٢) أحد منكم ألزم الله قلبه طاعته وخشيته من أحد من الناس أخرجه الله من صفة الحق ، ولم يجعله من أهلها فإن من لم يجعله الله من أهل صفة الحق فاولئك هم شياطين الانس والجن وإن لشياطين الانس حيلة ومكرا وخدايع ووسوسة بعضهم إلى بعض يريدون إن استطاعوا أن يردوا أهل الحق عما أكرمهم الله به من النظر في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الانس من أهله إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحق في الشك والانكار والتكذيب فيكونون سواء كما وصف الله تعالى في كتابه من قوله : «ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء (٣)» ثم نهى الله أهل النصر بالحق أن يتخذوا من أعداء الله وليا ولا نصيرا فلا يهولنكم ولا يردنكم عن النصر بالحق الذي خصكم الله به من حيلة شياطين الانس ومكرهم من اموركم تدفعون أنتم السيئة بالتي هي أحسن فيما بينكم وبينهم تلتمسون بذلك وجه ربكم بطاعته وهم خير عندهم ، لا يحل لكم أن تظهروهم على اصول دين الله فانهم إن سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه ، ورفعوه عليكم ، وجهدوا على هلاككم ، واستقبلوكم بما تكرهون ، ولم يكن لكم النصفة منهم في دول الفجار ، فاعرفوا منزلتكم فيما بينكم وبين أهل الباطل فانه لا ينبغي لاهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل لان الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل ، ألم يعرفوا وجه قول الله في كتابه إذ يقول :
____________________
(١) النساء : ١٤٥.
(٢) الفرق ـ محركة ـ : الخوف وفى أكثر النسخ «لا يعرفن».
(٣) النساء : ٨٨.