«أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض أم نجعل المتقين كالفجار (١)» أكرموا أنفسكم عن أهل الباطل ولا تجعلوا الله تبارك وتعالى ـ وله المثل الاعلى ـ وإمامكم ودينكم الذي تدينون به عرضة (٢) لاهل الباطل فتغضبوا الله عليكم فتهلكوا.
فمهلا مهلا يا أهل الصلاح لا تتركوا أمر الله وأمر من أمركم بطاعته فيغير الله ما بكم من نعمة ، أحبوا في الله من وصف صفتكم ، وأبغضوا في الله من خالفكم ، وابذلوا مودتكم ونصيحتكم [ لمن وصف صفتكم ] ولا تبتذلوها لمن رغب عن صفتكم وعاداكم عليها وبغا [ ل ] كم الغوائل هذا أدبنا أدب الله فخذوا به وتفهموه واعقلوه ولا تنبذوه وراء ظهوركم ، ما وافق هداكم أخذتم به وما وافق هواكم طرحتموه ولم تأخذوا به.
وإياكم والتجبر على الله ، واعلموا أن عبدا لم يبتل بالتجبر على الله إلا تجبر على دين الله ، فاستقيموا لله ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين أجارنا الله وإياكم من التجبر على الله ، ولا قوة لنا ولكم إلا بالله.
وقال عليهالسلام : إن العبد إذا كان خلقه الله في الاصل ـ أصل الخلق ـ مؤمنا لم يمت حتى يكره الله إليه الشر ويباعده عنه ومن كره الله إليه الشر وباعده عنه عافاه الله من الكبر أن يدخله والجبرية فلانت عريكته ، وحسن خلقه ، وطلق وجهه ، وصار عليه وقار الاسلام وسكينته وتخشعه ، وورع عن محارم الله ، واجتنب مساخطه ، ورزقه الله مودة الناس ومجاملتهم ، وترك مقاطعة الناس والخصومات ولم يكن منها ولا من أهلها في شئ ، وإن العبد إذا كان الله خلقه في الاصل ـ أصل الخلق ـ كافرا (٣) لم يمت حتى يحبب إليه الشر ، ويقر به منه ، فإذا حبب إليه
____________________
(١) ص : ٢٨.
(٢) العرضة : الحيلة.
(٣) ظاهر هذا الكلام هو الجبر الباطل في مذهب أهل البيت عليهمالسلام وسلب الاختيار ومخالف لصريح القرآن قوله تعالى : «فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله» فيجب تأويله أو التوقف ورد علمه إلى أهله.