يضمحل عندهم كل فتنة ، وينجلي عنهم كل شبهة ، اولئك أصحابي فاطلبوهم في أطراف الارضين ، فإن لقيتم منهم أحدا فاسألوه أن يستغفر لكم.
٩١ ـ وقال عليهالسلام (١) : شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا المتوازرون في أمرنا ، الذين إن غضبوا لم يظلموا ، وإن رضوا لم يسرفوا ، بركة على من جاوروه ، سلم لمن خالطوه ، اولئك هم السائحون الناحلون ، الزابلون ، ذابلة شفاههم ، خميصة بطونهم (٢) متغيرة ألوانهم ، مصفرة وجوههم كثير بكاؤهم جارية دموعهم. يفرح الناس ويحزنون ، وينام الناس ويسهرون ، إذا شهدوا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا خطبوا الابكار لم يزوجوا ، قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة ، وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، ذبل الشفاه من العطش خمص البطون من الجوع ، عمش العيون من السهر ، الرهبانية عليهم لايحة ، والخشية لهم لازمة ، كلما ذهب منهم سلف خلف في موضعه خلف ، اولئك الذين يردون القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر. تغبطهم الاولون والاخرون ، ولا خوف عليهم ولا يحزنون.
٩٢ ـ وقال عليهالسلام : المؤمن يرغب فيما يبقى ويزهذ فيما يفنى ، يمزج الحلم بالعلم ، والعلم بالعمل ، بعيد كسله ، دائم نشاطه ، قريب أمله ، حي قلبه ، ذاكر لسانه ، لا يحدث بما لا يؤتمن عليه الاصدقاء ، ولا يكتم شهادة الاعداء ، لا يعمل شيئا من الخير رياء ولا يتركه حياء ، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان في الذاكرين لم يكتب في الغافلين ، وإن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ، ويعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، ويحسن إلى من أساء إليه ، لا يعزب حلمه ، ولا يعجل فيما يريبه ، بعيد جهله ، لين قوله ، قريب معروفه ، غائب منكره صادق كلامه ، حسن فعله مقبل خيره ، مدبر شره ، في الزلازل وقور ، وفي المكاره
____________________
(١) مطالب السؤول ص ٥٣.
(٢) نحل جسمه أى سقم ، والناحل الرقيق الجسم من مرض أو تعب. وذبل النبات : قل ماؤه وذهبت نضارته. والذبل : اليابسة الشفه. والخميصة أى الضامرة.