والحلم وزيره ، والصبر أميره ، والرفق أخوه ، واللين والده.
٩٥ ـ وقوله عليهالسلام لنوف البكالي : أتدري يانوف من شيعتي؟ قال : لا والله ، قال :
شيعتي الذبل الشفاه ، الخمص البطون ، الذين تعرف الرهبانية في وجوههم ، رهبان بالليل ، أسد بالنهار ، الذين إذا جنهم الليل ائتزروا على أو ساطهم ، وارتدوا على أطرافهم (١) وصفوا أقدامهم ، وافترشوا جباههم ، تجري دموعهم على خدودهم يجأرون إلى الله في فكاك أعناقهم (٢) وأما النهار فحلماء علماء كرام نجباء أبرار أتقياء ، يا نوف شيعتي من لم يهر هرير الكلب ، ولم يطمع طمع الغراب ، ولم يسأل الناس ولو مات جوعا ، إن رأى مؤمنا أكرمه ، وإن رأى فاسقأهجره ، هؤلاء والله شيعتي.
٩٦ ـ قال نوف : عرضت لي حاجة إلى أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام فاستتبعت إليه جندب بن زهير والربيع بن خثيم وابن أخيه همام بن عبادة بن خثيم وكان من أصحاب البرانس المتعبدين فأقبلنا إليه فألفيناه حين خرج يؤم المسجد فأفضى ونحن معه إلى نفر متدينين قد أفاضوا في الاحدوثات تفكها وهم يلهى بعضهم بعضا ، فأسرعوا إليه قياما وسلموا عليه ، فرد التحية ، ثم قال : من القوم؟ فقالوا اناس من شيعتك يا أميرالمؤمنين ، فقال لهم : خيرا ، ثم قال : يا هؤلاء مالي لا أرى فيكم سمة شيعتنا ، وحلية أحبتنا؟! فأمسك القوم حياء ، فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له : ماسمة شيعتك يا أمير المؤمنين؟ فسكت فقال همام ـ كان عابدا مجتهدا ـ أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتك؟ فقال : لا تقسم فسأنبئكم جميعا ووضع يده على منكب همام وقال :
____________________
(١) أى يشدون المئزر على وسطهم احتياطا لستر العورة فانهم كانوا لا يلبسون السراويل أو المراد شد الوسط بالازار كالمنطقة ليجمع الثياب. وقيل هو كناية عن الاهتمام في العبادة. (قاله المؤلف) وقوله «وارتدوا على أطرافهم» أى يلبسون الرداءة أو يشدونها على أطرافهم ويشتملون بها.
(٢) جأر إلى الله : تضرع ورفع صوته بالبكاء.