قلت : يا ابن رسول الله وما هي؟ قال : أما مصائده فصد عن بر الاخوان ، وأما شباكه فنوم عن قضاء الصلوات التي فرضها الله ، أما إنه ما يعبدالله بمثل نقل الاقدام إلى بر الاخوان وزيارتهم ، ويل للساهين عن الصلوات ، النائمين في الخلوات ، المستهزئين بالله وآياته في الفترات (١) «أولئك ( الذين ) لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله [ ولا ينظر إليهم ] يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (٢)».
يا ابن جندب من أصبح مهموما لسوى فكاك رقبته فقدهون عليه الجليل ورغب من ربه في الوتح الحقير (٣) ومن غش أخاه وحقره وناواه (٤) جعل الله النار مأواه ، ومن حسد مؤمنا انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.
يا ابن جندب الماشي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة ، وقاضي حاجته كالمتشحط بدمه في سبيل الله يوم بدر واحد ، وما عذب الله امة إلا عند استهانتهم بحقوق فقراء إخوانهم.
يا ابن جندب بلغ معاشر شيعتنا وقل لهم : لا تذهبن بكم المذاهب فوالله لا تنال ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد في الدنيا ومواساة الاخوان في الله. وليس من شيعتنا من يظلم الناس.
يا ابن جندب إنما شيعتنا يعرفون بخصال شتى : بالسخاء والبذل للاخوان وبأن يصلوا الخمسين ليلا ونهارا ، شيعتنا لا يهرون هرير الكلب ، ولا يطمعون طمع الغراب ، ولا يجاورون لنا عدوا ، ولا يسألون لنا مبغضا ، ولو ماتوا جوعا ، شيعتنا لا يأكلون الجري (٥) ولا يمسحون على الخفين ، ويحافظون على الزوال ، ولا
____________________
(١) الفترة : الضعف والانكسار ، والمراد بها زمان ضعف الدين.
(٢) آل عمران : ٧٧.
(٣) كذا في الوافى «الوتح الحقير» والوتح ـ بالتحريك وككتف ـ : القيل التافه مى الشئ. وفى أكثر نسخ المصدر «الربح».
(٤) أى عاداه وأصله الهمزة من النوء. بمعنى النهوض والطلوع.
(٥) الجرى ـ كذمى ـ : سمك طويل أملس وليس عليه فصوص. وقيل : مار ماهى.