علم ، وفهما في فقه ، وعلما في حلم ، وكيسا في قصد ، وقصدا في غنى ، وتجملا في فاقة ، وصبرا في شدة ، وخشوعا في عبادة ، ورحمة في مجهود ، وإعطاء في حق ورفقا في كسب ، وطلبا من حلال وتعففا في طمع ، وطمعا في غير طبع ، ونشاطا في هدى ، واعتصاما في شهوة ، وبرا في استقامة ، لا يغره ما جهله ، ولا يدع إحصاء ما عمله ، يستبطئ نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل ، يصبح وشغله الذكر ويمسي وهمه الشكر ، يبيت حذرا من سنة الغفلة ، ويصبح فرحا بما أصاب من الفضل والرحمة.
وإن استصعب عليه نفسه فيما تكره لم يطعها سؤلها مما إليه تسره ، رغبته فيما يبقى ، وزهادته فيما يفنى ، قد قرن العلم بالعمل والعمل بالحلم ، ويظل دائما نشاطه ، بعيدا كسله ، قريبا أمله ، قليلا زلله ، متوقعا أجله ، خاشعا قلبه ، ذاكرا ربه ، قانعة نفسه ، عازبا جهله ، محرزا دينه ، ميتا داؤه ، كاظما غيظه ، صافيا خلقه آمنا منه جاره ، سهلا أمره ، معدوما كبره ، متينا صبره ، كثيرا ذكره.
لا يعمل شيئا من الخير رياء ، ولا يتركه حياء. اولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا ، آها وشوقا إليهم.
فصاح همام صيحة ووقع مغشيا عليه ، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا ـ رحمه الله تعالى ـ فغسل وصلى عليه أمير المؤمنين عليهالسلام ونحن معه. فشيعته عليهالسلام هذه صفتهم وهي صفة المؤمنين. وتقدم بعضها.
٩٧ ـ وقال عليهالسلام : الجنة التي أعدها الله تعالى للمؤمنين خطافة لابصار الناظرين فيها درجات متفاضلات ، ومنازل متعاليات ، لا يبيد نعيمها ولا يضمحل حبورها ولا ينقطع سرورها ولا يظعن مقيمها ولا يهرم خالدها ولا يبؤس ساكنها ، آمن سكانها من الموت فلا يخافون ، صفالهم العيش ، ودامت لهم النعمة في أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم. على فرش موزونة وأزواج مطهرة وحورعين كأنهن اللؤلؤ المكنون ، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة