يا هشام عليك بالرفق. فإن الرفق يمن والخرق شؤم ، إن الرفق والبر وحسن الخلق يعمر الديار ، ويزيد في الرزق (١).
يا هشام قول الله : «هل جزاء الاحسان إلا الاحسان (٢)» جرت في المؤمن والكافر والبر والفاجر. من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به ، وليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتى ترى فضلك ، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء (٣).
يا هشام إن مثل الدنيا مثل الحية مسها لين وفي جوفها السم القاتل ، يحذرها الرجال ذووا العقول ، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.
ياهشام اصبر على طاعة الله ، واصبر عن معاصي الله ، فانما الدنيا ساعة ، فما مضى منها فليس تجد له سرورا ولا حزنا ، وما لم يأت منها فليس تعرفه ، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت (٤).
يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله.
ياهشام إياك والكبر ، فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر. الكبر رداء الله ، فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار على وجهه.
يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم ، فإن عمل حسنا استزاد منه وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه.
ياهشام تمثلت الدنيا للمسيح عليهالسلام في صورة امرأة زرقاء فقال لها : كم تزوجت؟ فقالت : كثيرا ، قال : فكل طلقك؟ قالت : لا بل كلا قتلت ، قال المسيح عليهالسلام : فويح لازواجك الباقين ، كيف لا يعتبرون بالماضين.
____________________
(١) كذا.
(٢) الرحمن : ٦٠.
(٣) أى له الفضيلة بسبب ابتدائه بالاحسان ، فهو أفضل منك.
(٤) اغتبط : كان في مسرة وحسن حال. وفى بعض النسخ «قد احتبطت».