إن كنتم لا تعلمون » (١).
يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله والرسول والخليل وولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لامرنا ، فنبينا أفضل الانبياء ، وخليلنا أفضل الاخلاء ، و [ وصيه ] أكرم الاوصياء ، اسمهما أفضل الاسماء ، وكينتهما (٢) أفضل الكنى وأحلاها ، لو لم يجالسنا إلا كفو لم يجالسنا أحد ، ولو لم يزوجنا إلا كفو لم يزوجنا احد ، أشد الناس تواضعا ، أعظمهم حلما ، وأنداهم كفا ، وأمنعهم كنفا ، ورث عنهما أوصياؤهما علمهما ، فاردد إليهما الامر وسلم إليهم ، أماتك الله مماتهم ، وأحياك حياتهم ، إذا شئت رحمك الله.
قال فتح : فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت : يا ابن رسول الله أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري أمر هاليلتي ، قال : سل وإن شرحتها فلي ، وإن أمسكتها فلي ، فصحح نظرك وتثبت في مسألتك ، واصغ إلى جوابها سمعك ، ولا تسأل مسألة تعنت واعتن بما تعتني به ، فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد ، مأموران بالنصيحة ، منهيان عن الغش ، وأما الذي اختلج في صدرك ليلتك فإن شاء العالم أنبأك بإذن الله ، إن الله لم يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ، فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم ، وكل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياؤه عليه ، كيلا تخلو أرضه من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته ، وجواز عدالته.
يا فتح عسى الشيطان أراد اللبس عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك وشككك في بعض ما أنبأتك حتى أراد إزالتك عن طريق الله وصراطه المستقيم ، فقلت : من أيقنت أنهم كذا فهم أرباب؟ معاذ الله إنهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله ، داخرون راغبون ، فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به ، فقلت :
جعلت فداك فرجت عني وكشفت ما لبس الملعون علي بشرحك فقد كان أوقع
____________________
(١) الانبياء : ٧.
(٢) أى النبي والوصى.