فقد ظهر إذن أن سائر الأقسام غير مقصودة في هذا البحث إلا القسم المذكور ، بل هذا الحكم غير صحيح في سائر الأقسام ، فإنه يجوز في غير كون الجوهر (١) إذا فرضنا موضوعا مبتدأ أن لا يزال يكتسب استعدادا بعد استعداد لأمور عرضية من غير أن يتناهى ، كالخشب فإنك كلما شكلته بشكل استعد بذلك لأمر ، وإذا خرج استعداده إلى الفعل ، استعد لأمر آخر ، وكذلك النفس في إدراك المعقولات (٢) ، ويشبه أن تكون الاستحالات الطبيعية لا يمنع فيها هذا المعنى.
وأما الشبهة المذكورة في كون الأشياء من العناصر ، وأنه ليس على (٣) أحد القسمين ، فحلها يظهر (٤) أيضا مما قد قيل ، وهو أن العنصر مفردا ليس مستعدا لقبول الصور (٥) الحيوانية والنباتية ، بل يحصل له ذلك الاستعداد بالكيفية التي يحدث فيه بالمزاج ، والمزاج يحدث فيه لا محالة استحالة ما في أمر طبيعي له ، وإن لم يكن مقوما ، فتكون نسبته إلى صورة المزاج من القسم الذي يكون بالاستحالة ، وإذا حصل فيه المزاج كان قبول صورة الحيوانية (٦) له استكمالا لذلك المزاج ، ويتحرك الطبع به إليه ، فتكون نسبته (٧) إلى صورة (٨) الحيوانية نسبة الصبي إلى الرجل ، فلذلك ليست (٩) تفسد الصورة (١٠) الحيوانية إلى أن تصير مجرد مزاج ، كما لا يكون الصبي من الرجل ، ويفسد المزاج إلى موجب الصورة البسيطة ، كما يستحيل (١١) الماء إلى الهواء ، وليس (١٢) الحيوان عنصرا لجوهر العناصر ، بل يستحيل إليها من حيث هي بسيطة.
فيكون إذن الامتزاج والبساطة يتعاقبان على الموضوع. والبساطة ليست تقوم جوهر العناصر ولكن تكمل طبيعة كل واحد منها ، من حيث هو بسيط (١٣) ، فتكون النار نارا صرفة في الكيفية التي فيها ، اللازمة لصورتها وكذلك الماء. وكذلك كل واحد من العناصر ، فإذن كون الحيوان يتعلق بكونين ، ولكل واحد منهما حكم يخصه من وجوب التناهي ، فهو داخل أيضا في القسمين المذكورين.
__________________
(١) الجوهر : الجواهر ح ، د ، ص ، ط ، م. (٢) المعقولات : المعلومات ح ، د ، ص ، م. (٣) على : ساقطة من د. (٤) يظهر : ساقطة من د. (٥) الصور : الصورة ح ، ص ، ط ؛ صورة د ، م. (٦) الحيوانية : + التي د. (٨) المراج من القسم .... نسبته إلى صورة ساقطة من م. (٧) نسبته : نسبة د. (٩) ليست : ليس ب ، ح ، د ، ص ، ط. (١٠) الصورة : صورة ب ، ح ، د ، ص. (١١) يستحيل : فيستحيل د. (١٢) وليس : فليس ص ، ط
(١٣) بسيط : بسيطة د.