تفسير : ( ولوا على أدبارهم نفورا ) قال الطبرسي رحمه الله : أي أدبروا عنك
___________________
خلاف ظاهر اللفظ حيث لاذكر في الاية من القراءة والذكر ، لاوجه لقوله عزوجل ( وابتغ ) أى تطلب وتفحص أمرا بين الامرين ، حيث أن قراءة بين القراءتين : الجهر والاخفات ليس يخفى كيفيتها على أحد ، حتى يؤمر بابتغائه وطلبه مع اجتهاد.
على أنه لو كان المراد ذلك ، لكان على النبى صلىاللهعليهوآله أن يمتثل هذا الامر بقراءة القرآن قراءة متعارفة بين القراءتين ، مع أنه صلىاللهعليهوآله جهر في بعض الصلوات وأخفت في بعضها ، و هذا ضد ما أمر به القرآن العزيز وخلاف عليه بكلاشقى المسألة.
فعلى هذالاوجه لعنوان الاية الكريمة في هذا الباب ، بل الاية التى تتكفل لبيان الجهر بالقراءة والاخفات بها وامتثل أمرها النبى صلىاللهعليهوآله فأخفت في بعض الصلوات وجهر ببعضها الاخر على ماعرف من سنته صلىاللهعليهوآله ، هو قوله عزوجل : ( واذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون * واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولاتكن من الغافلين ) الاعراف : ٢٠٤ و ٢٠٥.
والايتان كلتاهما من المتشابهات على ماعرفت معنى المتشابه في ج ٨٣ ص ١٦٦ ، الا أن الاية الاولى آلت بتأويله صلىاللهعليهوآله إلى صلاة الجماعة فأوجب على المأمومين أن ينصتوا لقراءة الامام في الصلاة ، ومعلوم أن الانصات لايكون الاعند الاجهار بالقراءة ، ثم في الاية الثانية أمره صلىاللهعليهوآله أن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول الذى يناسب معنى التضرع والخيفة ، بالغدو والاصال والغدو على ما يدل عليه قوله عزوجل ( غدوها شهر ورواحا شهر ) وقوله تعالى : ( آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) : الظهر وقت النهار والاصيل وقت العصر ، فآلت أمره إلى صلاة الظهر والعصر بتأويل النبى صلىاللهعليهوآله فصلى صلاتى العصرين بالاخفات بذكره تعالى من أول الصلاة إلى خاتمتها حتى الاذكار والتسبيحات وحد الاخفات هذا أن يكون قراءة دون الجهر من القول في النفس كما هو ظاهر.
فالواجب الجهر بقراءة القرآن في غير صلاتى الظهرين وأما الاذكار والتسبيحات فهو مخير بين أن يجهر بها أو يخافت ولعل الجهر بها تبعا للجهر بالقراءة أولى ، وأما صلاتا النهار والاصيل ، فالقراءة والاذكار كلها سواء ، يخافت بها مطلقا ، وسيمر عليك في طى الباب أخبار عن الائمة المعصومين عليهمالسلام ينص على ذلك.