به ، وقيل : معناه لا يفوته علم ما تفعلون « علم أن لن تحصوه » (١) قال : مقاتل كان الرجل يصلي الليل كله مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام ، فقال سبحانه : « علم أن لن تحصوه » أي لن تطيقوا معرفة ذلك ، وقال الحسن قاموا حتى انتفخت أقدامهم فقال سبحانه : إنكم لا تطيقون إحصاءه على الحقيقة ، وقيل معناه لن تطيقوا المداومة على قيام الليل ويقع منكم التقصير فيه ، « فتاب عليكم » بأن جعله تطوعا ولم يجعله فرضا ، وقيل معناه فلم يلزمكم إثما كما لا يلزم التائب ، أي رفع التبعة فيه كرفع التبعة عن التائب ، وقيل فتاب عليكم أي خفف عليكم.
« فاقرؤا ما تيسر من القرآن » الآن ، يعنى في صلاة الليل عند أكثر المفسرين وأجمعوا أيضا على ان المراد بالقيام المتقدم في قوله « قم الليل » هو القيام إلى الصلاة ، إلا أبا مسلم فانه قال : أراد القيام لقراءة القرآن لا غير ، وقيل : معناه فصلوا ما تيسر من الصلاة ، وعبر عن الصلاة بالقرآن ، لانها تتضمنه ، ومن قال : المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة (٢) فهومحمول على الاستحباب عند الاكثرين دون الوجوب ، لانه لو وجبت القراءة لوجب الحفظ ، وقال بعضهم هومحمول على الوجوب ، لان القارئ يقف على إعجاز القرآن ، ومافيه من دلائل التوحيد وإرسال الرسل ، ولا يلزم حفظ القرآن ، لانه من القرب المستحبة المرغب فيها.
ثم اختلفوا في القدر الذي تضمنه هذا الامر من القراءة ، فقال ابن جبير خمسون
____________________
(١) قد عرفت في ج ٨٥ ص ٣ أن الاية تتمة لاول السورة ناظرة اليها من وجوب ترتيل القرآن تماما ولم يكن نزلت حينذاك أكثر من عشر سور قصار قطعا ، وأن الضمير في « لن تحصوه » راجع إلى القرآن أي علم أنكم لا تقدرون أحصاه القرآن في ليلة واحدة فيما يستقبل من الزمان خصوصا في ليالى الصيف « فاقرؤا ما تيسر من القرآن » إلى آخر ما مر عليك راجعه.
(٢) الاية « ورتل القرآن ترتيلا » من المتشابهات بأم الكتاب ، أولها رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى صلاة الليل باشارة من الوحى ، فجعله في قيام الصلاة ، على ما عرفت في ج ٨٥ ص ١ ، فالواجب من ترتيل القرآن هوما كان في الصلاة لا غير.