والقصد التوسط في المعيشة ، وفي جميع الامور ، والبر للوالدين أو الاعم « وثواب ما تفضلت به منها » أي من شكر النعمة ، والتأنيث باعتبار المضاف إليه ، أو من النعمة بتقدير الشكر ، أوبتعميم النعمة بحيث تشمل الاعمال الصالحة التى صدرت بتوفيقه تعالى ، ويمكن أن يقرأ ثواب بالرفع على الابتداء ، فالظرف خبره ، اي الثواب ايضا من جملة النعمة لكنه مخالف لما هو المضبوط في النسخ.
« ويا كائنا بعد كل شئ » ظاهره إعدام جميع المخلوقات قبل القيامة ، كما دلت عليه الاخبار والآيات « ومن سوء المرجع » بكسر الجيم ، قال الجوهري الرجعى الرجوع ، وكذلك المرجع ومنه قوله تعالى : « إلى ربكم مرجعكم » (١) وهو شاذ لان المصادر من فعل يفعل إنما يكون بالفتح انتهى ، وسوء المرجع في القبر يمكن أن يراد به الحياة في القبر ، فيكون استعاذة من الضغطة والعذاب بعد السؤال ، ويحتمل المراد الرجوع إلى الاخرة بالموت ، وإنما سمى ذلك رجوعا لانهم كانوا أمواتا قبل الخلق ، ثم رجعوا إلى الموت أو كان أمرهم وحكمهم ظاهرا وباطنا إلى ربهم ثم صاروا في الدنيا مالكين ومملوكين لغيره تعالى ظاهرا ثم عادوا إلى ما كانوا من صيروره أمورهم ظاهرا وباطنا إليه تعالى.
« وميتة سوية » قال صاحب كتاب درة الغواص : الميتة هنا بكسر الميم ، والفتح لحن ، وما أوهامهم في هذا المعنى قتله شر قتلة ، فيفتحون القاف والصواب كسرها لان المراد به الاخبار عن كيفية القتلة التي صيغ أمثالها على فعلة بكسر الفاء ، كقوله ركب ركبة أنيقة وقعد قعدة ركينة ، ومن شواهد حكمة العرب في كلامهم انها جعلت فعلة بفتح الفاء كناية عن المرة الواحدة ، وبكسرها كناية عن الهيئة ، وبضمها كناية عن القدر ، لتدل كل صيغة على معنى يختص به ، ويمتنع عن المشاركة فيه ، وقرء « إلا من اغترف غرفة بيده » (٢) بفتح الغين وضمها ، فمن قرأها بالفتح أراد بها المرة الواحدة ، ويكون قد حذف المفعول به الذي تقديره إلا
____________________
(١) في آيات كثيرة منها الانعام : ١٦٤.
(٢) البقرة : ٢٤٩.