وقيل لاكما اختاره العلامة في المنتهى ، والشيخ في المبسوط ، والمسألة محل تردد وإن كان الاول أقوى وأحوط ، ولو كان نوى بالجلوس الاستحباب لتوهمه أنه جلسة الاستراحة ففي الاكتفاء به وجهان ، ولعل الاكتفاء أقوى ، لعدم المضايقة في النية في الاخبار ، ولما روي من أنه إذا فعل كثيرا من أفعال الصلاة بقصد النافلة يبنى على ما نواه أولا من الفريضة ، فيدل على أن نية الصلاة أولا تكفى لانصراف كل فعل إلى ما يلزمه الاتيان به ، ولا يضر نية المنافي سهوا.
وقال الشهيد الثاني رحمه الله : ولو شك هل جلس أم لا ، بنى على الاصل فيجب الجلوس وإن كان خالة الشك قد انتقل عن محله ، لانه بالعود إلى السجدة مع استمرار الشك يصير في محله ، ولا يخفى ما فيه ، إذ ظاهر أن الاتيان بالسجود في هذا المحل ليس بالامر الاول ، إذا الامر الاول كان مقتضيا لا يقاعه قبل القيام وغيره ، والعود إليه إنما هو للاخبار الواردة فيه ، ولم يرد في تدارك الجلوس خبر ، وعود المحل لا معنى له.
ثم إنه أوجب بعض الاصحاب هنا سجود السهو للقيام في موضع القعود ، و زيادة الافعال ، وهو غير ثابت ، وسيأتي الكلام فيه ، ولعل الاتيان به أحوط.
واعلم أن هذا كله فيما إذا ذكر قبل الركوع ، ولو ذكر ترك السجدة بعد الوصول إلى حد الراكع فالمشهور أنه يجب عليه قضاء السجود بعد الصلاة ، ويسجد له سجدتي السهو.
وذهب الشيخ في التهذيب إلى أن من ترك سجدة واحدة من الاوليين أعاد الصلاة ، والظاهر من كلام ابن أبي عقيل إعادة الصلاة بترك سجدة واحدة مطلقا (١) سواء في ذلك الاوليان والاخريان لانه قال : « من سهى عن فرض فزاد فيه أو نقص
____________________
فلا بد وأن يوجد قبلها ، كالركوع حيث لا يتحقق عنوانها الا بالانحناء عن قيام ، لا البلوغ إلى حده من الجلوس أو السجدة ، وهو واضح.
(١) لا يظهر من كلامه ذلك ، فان الفرض من السجود عندهم هو السجدة الاولى من قيام وأما الثانية فهى سنة في فريضة.