ثم اعلم أن الاصحاب اختلفوا في محل السجود المنسي فالاكثر على أنه بعد التسليم ، وقال علي بن بابويه أن السجدة المنسية في الاولى تقضى في الثالثة والمنسية في الثالثة تقضى في الرابعة ، والمنسية في الثالثة تقضى بعد التسليم.
وقال ابن الجنيد : واليقين بتركه إحدى السجدتين أهون من اليقين بتركه الركوع ، فان أيقن بتركه إياها بعد ركوعه في الثالثة لها ، سجدها قبل سلامه ، والاحتياط إن كان في الاوليين الاعادة إن كان في وقت.
وللمفيد قول آخر قال : إن ذكر بعد الركوع فليسجد ثلاث مرات سجدات : واحدة منها قضاء ، والاثنتان لركعته التي هو فيها.
والاخبار المعتبرة تدل على المشهور وصحيحة عبدالله بن أبي يعفور (١) تدل على مذهب ابن الجنيد من إيقاعها قبل التسليم ، ولا يبعد القول بالتخيير ، أو حمل ما قبل التسليم على التقية ، أو على النافلة ، أو على ما إذا كان النسيان من الركعة الاخيرة ، وأما مذهب ابن بابويه والمفيد فقد اعترف أكثر المتأخرين بعدم النص فيهما ، وقال في الذكرى : وكأنهما عولا على خبر لم يصل إلينا.
أقول : ما ذكره ابن بابويه موجود في فقه الرضا عليهالسلام كما سيأتي ، وخبر جعفر بن بشير يدل على مذهب المفيد في الجملة كما ستعرف.
____________________
(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٨٠ ط حجر ، ولفظه عن أبى عبدالله عليهالسلام قال : اذا نسى الرجل سجدة وأيقن أنه قد تركها فليسجدها بعد ما يقعد قبل أن يسلم ، و ان كان شاكا فليسلم ثم يسجدها وليتشهد تشهدا خفيفا ولا يسميها نقرة فان النقرة نقرة الغراب.
ووجه الحديث أن السجدة المنسية المتيقن نسيانها ، تكون مأمورا بها قضاء بعد الفراغ من الصلاة ، وقد فرغ المصلى عن ماهية صلاته ولم يبق عليه الا التحليل ، فله أن يأتى بها ويقضيها ان شاء قبل السلام وان شاء بعد السلام ، ولو قضاها قبل السلام ، كان قد قضاها داخل الصلاة ولعله الاحسن.