الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، قل هو الله أحد ، إلى آخرها.
ثيم جلس وقام وقال : الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونستهديه ، و نؤمن به ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وذكر باقي الخطبة [ القصيرة ] في يوم الجمعة (١).
توضيح :
« الحمد لله الذي خلق السموات والارض » أخبر بأنه تعالى حقيق بالحمد و نبه على انه المستحق له على هذه النعم الجسام حمد أو لم يحمد ، ليكون حجة على الذين هم بربهم يعدلون ، وجمع السموات دون الارض وهي مثلهن لان طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الاثار والحركات ، وقدمها لشرفها وعلو مكانها ، وتقدم وجودها ، كما قيل.
« وجعل الظلمات والنور » أي أنشأهما ، والفرق بين خلق وجعل الذي له مفعول واحد ، أن خلق فيه معنى التقدير ، وجعل فيه معنى التضمين ، ولذلك عبر عن إحداث النور والظلمة بالجعل تنبيها على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت الثنوية ، وجمع الظلمات لكثرة أسبابها والاجرام الحاملة لها ، أو لان المراد بالظلمة الضلال وبالنور الهدى ، والهدى واحد والضلال كثير ، وتقديمها لتقديم الاعدام على الملكات.
وقيل من زعم أن الظلمة عرض يضاد النور احتج بهذه الاية ولم يعلم أن عدم الملكة كالعمى ليس صرف العدم حتى لا يتعلق به الجعل.
« ثم الذين كفروا بربهم يعدلون » عطف على قوله : « الحمد لله » على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته ، ويكون « بربهم » تنبيها على أنه خلق هذه الاشياء أسبابا لتكونهم و
____________________
(١) مصباح المتهجد : ٤٥٨ ٤٦٠ وتتمة الخطبة في ج ٨٩ ص ٢٣٩.