« أن تقع » أي من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن خلقها على صورة متداعية إلى الاستمساك « إلا باذنه » أي بمشيته وذلك في القيامة « لرؤف رحيم » حيث هيأ لهم أسباب الاستدلال وفتح عليهم أبواب المنافع ، ودفع عنهم أنواع المضار.
ثم إنه عليهالسلام لما عدد اصول نعمه الجسام ، وحمده على ما خص عباده به من الانعام ، شرع في السؤال فابتدأ بأهم المطالب وهو الرحمة والمغفرة والعصمة عن الخطايا ، وأن لا يخلينا في حال من أحوالنا في الدنيا والاخرة من رحمته.
وفي الفقيه « واعممنا بمغفرتك إنك أنت العلي الكبير » أي اغفر لنا جميعا أو جميع خطايانا أو الاعم « وامددنا » على بناء الافعال أو بضم الدال على المجرد أي قونا وأيدنا ، قال الجوهري : أمددت الجيش بمدد ، قال أبوزيد مددنا القوم أي صرنا مددا لهم ، وأمددناهم بغيرنا وأمددناهم بفاكهة ، والمادة الزيادة المتصلة.
ثم استأنف عليهالسلام الحمد على وجه آخر ليصير سببا لمزيد معرفتهم به سبحانه وبنعمه فتؤثر فيهم مواعظه ، فقال : « والحمد لله لا مقنوطا من رحمته » لا مقنوطا حال عن الجلالة ومن رحمته قائم مقام الفاعل لقوله مقنوطا كممرور به أي أحمده حال كونه لسعة رحمته ووفور نعمته بحيث لا ينبغى أن يقنط من رحمته أحد ، وكذا ساير الفقرات.
والروح الرحمة قال تعالى نقلا عن يعقوب « ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون » (١) وقوله : « ولا مستنكفا » في بعض النسخ بفتح الكاف على سياق ساير الفقرات ، وفي أكثرها بكسر الكاف فالمعنى أنه سبحانه مع غاية علوه ورفعته واستغنائه لم يستنكف عن أن يعبده العباد ، ويدعوه لصغير حوائجهم وكبيرها ، وسمى دعاءه عبادة وتركه استكبارا.
____________________
(١) يوسف : ٨٧.