وفي نهج البلاغة (١) هكذا « الحمد لله غير مقنوط من رحمته ، ولا مخلو من نعمته ولا مأيوس من مغفرته ولا مستنكف عن عبادته الذي لا تبرح منه رحمة ولا تفقد له نعمة » وفي الفقيه هكذا « والحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته ، ولا مخلو من نعمته ولا مؤيس من روحه ولا مستنكف عن عبادته » فيمكن أن يقرأ مقنوط ونظائره بالرفع فتكون مع الظرف بتقدير الجملة أي لا يقنط من رحمته ، أو يكون صدر الصلة ضميرا محذوفا ويمكن أن يقرأ الجميع بالنصب ويكون المفعول في المقنوط والمخلو بمعنى الفاعل كما قيل في « حجابا مستورا » أي لا قانط من رحمته ولا خالي من نعمته ، فالمستنكف يكون على بناء الفاعل مع أن قنط أتى متعديا ، قال الفيروز آبادي القنط المنع.
« الذي بكلمته « أي بقوله كن أو بقدرته وإرادته مجازا ، أو باسمه الاعظم كما مر وسيأتي « وقرت الارضون السبع » كونها سبعا (٢) إما باعتبار الاقاليم أو
____________________
(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٤٥ من قسم الخطب.
(٢) وعندى أن المراد بالسماوات السبع : السيارات السبعة التى تسبح حول الشمس في مدار أعلى من مدار الارض وهو قوله عزوجل : « وبنينا فوقكم سبعا شدادا » اى صلبا لا ارض عليها كالصخور والجبال. وكل منها تسبح في فلك لقوله عز من قائل : « ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ». وكل واحد منها تطابق الاخر من حيث الخلق والنظام كما قال عزوجل : « الذى خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ».
وعلى هذا تكون السماء الدنيا هى المريخ ، وهى التى قد زينت سماؤها بزينة الكواكب وهى النجيمات التى تبلغ عددها مآت ألوف كلها تدور حول الشمس في منطقة عرضها مائة مليون ميل ، ترى في ليلة المريخ كأبدع ما يمكن أن يرى ، مع ما يرى من لمعان سائر الثوابت والسيارات وتقابل مسيرها عند الرائى فسبحان الله البديع البارى.
والظاهر من قاعدة بود أن تلك
النجميات كانت سيارة اصطدم بغيرها ، أو انفطرت
من داخلها وانشقت واذنت لربها وحقت ، فعل الله ذلك بها قبيل مبعث نبينا صلىاللهعليهوآله لتكون