وفي الفقيه : والسباق غدا ، وفي النهج : ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق ، والسبقة الجنة والغاية النار.
أقول : قال السيد الرضى ره بعد إيراد هذه الفقرات ، وقليل من ساير الفقرات : لو كان كلام يأخذ بالاعناق إلى الزهد في الدنيا ويضطر إلى عمل الاخرة لكان هذا الكلام ، وكفى به قاطعا لعلائق الامام ، وقادحا زناد الاتعاظ و الانزجار.
ومن أعجبه قوله : « ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق والسبقة الجنة و الغاية النار » فان فيه مع فخامة اللفظ ، وعظم قدر المعنى ، وصادق التمثيل ، وواقع التشبيه ، سرا عجيبا ومعنى لطيفا ، وهو قوله عليهالسلام « والسبقة الجنة والغاية النار » فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين ، ولم يقل السبقة النار كما قال والسبقة الجنة لان الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب وغرض مطلوب ، وهذه صفة الجنة ، و ليس هذا المعنى موجودا في النار ، نعوذ بالله منها.
فلم يجز أن يقول والسبقة النار بل قال والغاية النار لان الغاية قد ينتهي إليها من لا يسره الانتهاء إليها ، ومن يسره ذلك؟ فصلح أن يعبر بها عن الامرين معا ، فهي في هذا الموضع كالمصير والمآل ، قال الله تعالى « قل تمتعوا فان مصيركم إلى النار » (١) ولا يجوز في هذا الموضع أن يقال فان سبقتكم إلى النار فتأمل ذلك فباطنه عجيب وغوره بعيد ، وكذلك أكثر كلامه عليهالسلام.
وفي بعض النسخ وقد جاء في رواية اخرى : والسبقة الجنة بضم السين و السبقة عندهم اسم لما يجعل للسابق إذا سبق من مال أو عرض ، والمعنيان متقاربان ، لان ذلك لا يكون جزاء على فعل الامر المذموم ، وإنما يكون جزاء على فعل الامر المحمود انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وأقول : المضمار مدة تضمير الفرس وموضعه أيضا وقد يطلق على ميدان
____________________
(١) ابراهيم : ٣٠.