المسابقة ، وعلى غاية الفرس في السباق أيضا ، وتضمير الفرس هو أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت وذلك في أربعين يوما والسباق المسابقة ، وليس جمعا للسبقة بالضم أي الذي يستبق إليه كما توهم ، فان جمعها أسباق ، والسبقة بالتحريك الخطر أى المال الذي يوضع بين أهل السباق ، وغاية كل شئ منتهاه ، ولا يعتبر في مفهومها أن يكون مطلوبا حتى يتكلف لكون النار غاية بأنها غاية عرضية لمحبة الدنيا والانهماك في لذاتها ، كما يفهم من كلام بعض شراح النهج ، بل النار غاية لان المصير إليها منتهى فعل السيئات ، وفي أكثر نسخ النهج « السبقة « بفتح السين وسكون الباء وفي بعضها بالتحريك وهو أظهر.
ولنرجع إلى بيان حاصل التشبيه وتطبيق المشبه على المشبه به ، ولم يتعرض له أحد ، ويخطر بالبال فيه وجوه :
الاول : أن يكون المراد بالمضمار زمان تضمير الفرس ، فمدة عمر الدنيا مدة تضمير النفس وتقويتها بالعلم والعمل والاخلاص والعقايد الحسنة للاستباق في ميدان القيامة ، وشبه القيامة بميدان السباق ، والنار بالغاية التي توضع في منتهى الميدان ، والجنة بالعوض الذي يأخذه السابق ، فكل من كان أخف وأقل وزرا ونفسه أقوى بالعلم والعمل ، يكون قطعه لعرصة القيامة أسرع وصوله إلى النار الي لابد من وصول كل أحد يومئذ إليها لقوله سبحانه : « وإن منكم إلا واردها » (١) أسبق ، كان عوضه من الجنة أكثر ، وعلى هذا يكون تشبيها تاما منطبقا على ساير الايات والاخبار الواردة في ذلك.
الثانى : أن يكون المراد بالمضمار مكان التضمير ، فالدنيا محل تضمير النفس بالكلمات وساير أجزاء التشبيه كما مر في الوجه الاول ، وعلى هذين الوجهين يمكن أن لا تجعل الغاية بمعنى غاية الميدان ولا يكون ذكرها داخلا في التشبيه ، فالمعنى أنهم يتسابقون في القيامة ، فيمن سبق يعطى الجنة ، ومن لم يسبق يحرم الجنة
____________________
(١) مريم : ٧١.