وروىٰ البخاري وغيره حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقصُّ علىٰ أصحابه قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار ، فتوسّلوا بأعمالهم الصالحات ففرج عنهم ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « بينما ثلاثة نفر ممّن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم المطر ، فآووا إلىٰ غار ، فانطبق عليهم ، فقال بعضهم لبعض : إنّه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلّا الصدق ، فليدعُ كلّ رجلٍ منكم بما يعلم أنّه صدق فيه.
فقال واحد منهم : اللهمّ إن كنت تعلم أنّه كان لي أجير عمل لي علىٰ فِرْقٍ (١) من أرز ، فذهب وتركه ، وإنّي عمدتُ إلىٰ ذلك الفِرْق فزرعته ، فصار من أمره أنّي اشتريت منه بقراً ، وأنّه أتاني يطلب أجره ، فقلت : اعمد إلىٰ تلك البقر فَسُقها ، فقال لي : إنّما لي عندك فِرْق من أرُز! فقلت له : اعمد إلىٰ تلك البقر ، فإنّها من ذلك الفِرْق.. فساقها.. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ، ففرّج عنّا... فانساحت عنهم الصخرة.
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم كان لي أبوان شيخان كبيران ، فكنت آتيهما كلَّ ليلةٍ بلبن غنم لي ، فأبطأتُ عنهما ليلة ، فجئت وقد رقدا ، وأهلي وعيالي يتضاغون (٢) من الجوع فكنت لا أسقيهم حتىٰ يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما ، وكرهت أن أدعهما ، فلم أزل أنتظر حتىٰ طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا.. فانساحت عنهم الصخرة حتىٰ نظروا إلىٰ السماء.
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنّه كان لي ابنة عم من أحبِّ الناس إليَّ ،
_________________________________
(١) الفِرْق : القسم من الشيء إذا انفصل عنه.
(٢) أي يتصايحون من الجوع.