حنيف ). ثمَّ واصل ابن تيمية قائلاً : ( قلتُ : وقد رواه ابن السُنّي في كتاب عمل اليوم والليلة ، من طريقين ، وشبيب هذا صدوق روىٰ له البخاري ) (١).
وقال أيضاً : ( وقد روىٰ الطبراني هذا الحديث في المعجم ) ثمَّ ذكر الحديث بطوله بإسناد آخر إلىٰ أن قال : ( قال الطبراني : روىٰ هذا الحديث شعبة ، عن أبي جعفر ـ واسمه عُمير بن يزيد ـ وهو ثقة ، تفرَّد به عثمان بن عمير عن شعبة ، قال أبو عبدالله المقدسي : والحديث صحيح ). قال : ( قلتُ : والطبراني ذكر تفرُّده بمبلغ علمه ، ولم تبلغه رواية روح بن عبادة عن شعبة ، وذلك إسناد صحيح يبيِّن أنّه لم ينفرد به عثمان بن عمير ) (٢).
لكنّه مع هذا كلّه ، ومع وضوح النص النبوي ، يقول : فهذا طلبَ من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمره أن يسأل الله أن يقبل شفاعة النبي له في توجّهه بنبيِّه إلىٰ الله ، وهو كتوسُّل غيره من الصحابة به إلىٰ الله ، فإنّ هذا التوجّه والتوسُّل هو توجّه وتوسُّل بدعائه وشفاعته ! (٣).
ويستنتج من ذلك وأمثاله ممّا تقدّم ذكره أنّ الصحابة كانوا يطلبون من النبي الدعاء ، وهذا مشروع في الحيّ (٤).
وفي هذا مصادرة علىٰ الحقيقة غير خافية ، ففرق كبير بين أن يطلب أحد الدعاء من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيدعو له ، وبين أن يطلب منه الدعاء ، فيعلّمه أن يدعوا بنفسه ويتوسَّل في دعائه بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسيلةً وشفيعاً. ففي الأول يتولَّىٰ النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
_________________________________
(١) التوسُّل والوسيلة : ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٣.
(٢) التوسُّل والوسيلة : ١٠٥ ـ ١٠٦.
(٣) التوسُّل والوسيلة : ٩٢ ، وكتاب الزيارة / لابن تيمية أيضاً : ٤٧ ـ المسألة الرابعة.
(٤) التوسُّل والوسيلة : ٢٠ ، كتاب الزيارة : ٨٦ ـ المسألة السابعة.