« اللّهم إنِّي أسألك وأتوسَّل إليك بنبيِّك نبي الرحمة ، يا محمّد يا رسول الله ، إنّي أتوسَّل بك إلىٰ ربِّي في حاجتي ليقضيها لي ، اللّهم فشفِّعه فيَّ » فإنّ هذا الحديث قد استدلَّ به طائفة علىٰ جواز التوسُّل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته وبعد مماته.
قالوا ، والكلام لابن تيمية : وليس في التوسُّل دعاء المخلوقين ، ولا استغاثة بالمخلوق ، وإنّما هو دعاء واستغاثة بالله ، لكن فيه سؤال بجاهه ، كما في سنن ابن ماجة ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه ذكر في دعاء الخارج للصلاة أن يقول : « اللّهم إنِّي أسألك بحقِّ السائلين عليك... » الحديث ، ففي هذا الحديث أنّه سأل بحقِّ السائلين عليه.. والله تعالىٰ قد جعل علىٰ نفسه حقّاً.. إلىٰ أن قال : وقالت طائفة : ليس في هذا جواز التوسُّل به بعد مماته وفي مغيبه ، بل إنّما فيه التوسُّل في حياته بحضوره..
ثمّ أخذ ينتصر لهذا الرأي الأخير ، قائلاً : وذلك التوسُّل به أنّهم كانوا يسألونه أن يدعو لهم ، فيدعو لهم ، ويدعون معه ، ويتوسَّلون بشفاعته ودعائه ، ومثَّل لذلك بحديث الأعرابي : يا رسول الله ، هلكت الأموال وانقطعت السبل فادعُ الله لنا أن يمسكها عنّا.
قال : فهذا كان توسُّلهم به في الاستسقاء ونحوه ، ولمّا مات توسَّلوا بالعبّاس رضياللهعنه.. وكذلك معاوية بن أبي سفيان ، استسقىٰ بيزيد بن الأسود الجرشي ، وقال : اللّهم إنّا نستشفع إليك بخيارنا ، يا يزيد ارفع يديك إلىٰ الله...
ثمّ ختم بقوله : ولم يذكر أحد من العلماء أنّه يشرع التوسُّل والاستسقاء بالنبي والصالح بعد موته ولا في مغيبه ، ولا استحبّوا ذلك في الاستسقاء ولا في الاستنصار ولا غير ذلك من الأدعية ، والدعاء مخُّ العبادة (١).
_________________________________
(١) زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور : ٣٧ ـ ٤٣.