والخلط والتمويه والتناقض واضح في أكثر من موضع من هذا الكلام ، نبدأ بالكشف عنه قبل تقديم الاَدلّة علىٰ المطلوب.
١ ـ قد خلط بين التوسُّل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين التوسُّل بالجاه ، فالفرق واضح بين قولك : « يا محمّد ، يا رسول الله إنّي أتوجّه بك إلىٰ الله » وبين أن تقول « اللّهم بحقِّ السائلين عليك » أو « اللّهم بحقِّ محمّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم » فالأول توجّه وتوسُّل به ، والثاني توجُّه وتوسُّل بحقِّه وجاهه ومنزلته ، فهذان نوعان من التوسُّل بالأنبياء والصالحين يدخلان في هذا القسم ، وقد حمل ابن تيمية الأول علىٰ الثاني ، وهو حمل غير صحيح.
٢ ـ خلط هنا كما خلط من قبل بين التوجُّه بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين طلب الدعاء منه ، والفارق واضح ، ولا يخفىٰ أنّه صنع هذا تمويهاً ، ليس إلّا ، ولذلك تراه عندما استدلَّ بحديث الأعرابي أتىٰ بفقرةٍ منه وترك قوله الذي قدَّمناه آنفاً : « يا رسول الله إنّا نستتشفع بك علىٰ الله » هذا القول الذي أقرَّه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣ ـ ناقض نفسه في النقل عن العلماء ، ثمَّ لجأ إلىٰ تقسيم الدعاء إلىٰ استسقاء وغيره تمويهاً علىٰ الأذهان لا غير ، لأنّه عاد فجمع كل أصناف الدعاء ( ولا استحبّوا ذلك في الاستسقاء ولا في الاستنصار ولا في غير ذلك من الأدعية ).
فقد نقل أولاً عن العلماء قولهم بجواز التوسُّل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته وبعد مماته ، ثمَّ عاد يقول : ولم يذكر أحد من العلماء أنّه يشرع التوسُّل والاستسقاء بالنبي والصالح بعد موته !!
ونأتي هنا علىٰ ما ينقض دعواه هذه بأدلَّةٍ أقرَّ هو بصحة بعضها ، ولم يذكر البعض الآخر بإثبات أو نفي :