ـ أثبتنا ونؤكد أنّ ابن تيمية لم يجد نصّاً يستفيد منه النهي عن التوسُّل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فطفق يحمِّل بعض النصوص ما لا تحتمل ، وسنراه هنا كيف يدير ظهره لنصٍّ ثبتت صحّته لديه بنحو لا غبار عليه :
إنّه ينقل بطرق يعرف صحّتها عن الصحابي الجليل عثمان بن حنيف أنّه يعلِّم الناس التوسُّل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في عهد عثمان بن عفّان ، ثمَّ يشفِّعه بأخبار مماثلة عن السلف..
يقول : روىٰ البيهقي أنّ رجلاً كان يختلف إلىٰ عثمان بن عفّان في حاجةٍ له ، وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ، فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك ، فقال له عثمان بن حنيف : ائتِ الميضأة ، فتوضّأ ، ثم ائتِ المسجد فصلِّ ركعتين ، ثمَّ قل : « اللّهم إنّي أسألك وأتوجّه إليه بنبيِّنا محمّدٍ نبيِّ الرحمة ، يا محمّد ، إنّي أتوجَّه بك إلىٰ ربِّي ليقضي لي حاجتي » ثمَّ اذكر حاجتك ، ثمَّ رح حتىٰ أروح معك..
فانطلق الرجل ، فصنع ذلك ، ثمَّ أتىٰ بعدُ عثمان بن عفّان ، فجاء البوّاب فأخذ بيده فأدخله علىٰ عثمان فأجلسه معه علىٰ الطنفسة ، وقال : انظر ما كانت لك من حاجة ، فذكر حاجته ، فقضاها له.
ثمّ إنّ الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف ، فقال له : جزاك الله خيراً ، ما كان لينظر في حاجتي ولا يلتفت إليَّ حتىٰ كلَّمْتَه فيَّ.
فقال عثمان بن حنيف : ما كلّمته ، ولكن سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد جاءه ضرير وشكا إليه ذهاب بصره ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أوَ تصبر » ثمَّ ذكر الحديث المتقدِّم.