إنّ الملك الذي عثر عليهم كان مؤمناً (١).
وأيّاً كان القائل فالمسجد إنّما يُتّخذ ليؤتىٰ علىٰ الدوام ، ينتابه الناس ، سواء المعاصرون منهم لقصّته أو الأجيال اللاحقة.. وبهذا أصبحت مراقد أصحاب الكهف مزاراً يقصده الناس للزيارة ، بل أقاموا عليه مسجداً يذكرون اسم الله فيه.
ولعل مراقد هؤلاء الفتية المؤمنين ، أصحاب الكهف ، هي المثال الأسبق تاريخاً في ما ذكره القرآن الكريم لاحترام مراقد الأولياء وتعاهدها بالزيارة ، بل إقامة المسجد عندها كما هو صريح القرآن الكريم.
٢ ـ قوله تعالىٰ في النهي عن القيام عند قبور المنافقين ( وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ) (٢).
لا خلاف في أنّ المراد بالصلاة هنا هو خصوص الصلاة علىٰ الميت ، يدل عليه السياق وسبب النزول ، أمّا موضع الاستدلال لدينا علىٰ المطلوب فهو قوله تعالىٰ : ( وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ) فقد ذهب كثير من المفسرين إلىٰ أنّ المراد يتجاوز الوقوف عنده وقت الدفن ، إلىٰ عموم الأوقات.
قال البيضاوي ، والآلوسي ، والبروسوي : المراد لا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة (٣).
فإذا كان هذا النهي قد ورد في شأن من مات علىٰ الكفر ، كما هو في ذيل الآية
_________________________________
(١) الدر المنثور ، وعنه الميزان ١٣ : ٢٨٦ في رواية قال عنها : والرواية مشهورة أوردها المفسرون في تفاسيرهم وتلقوها بالقبول.
(٢) سورة التوبة : ٩ / ٨٤.
(٣) أنوار التنزيل / البيضاوي ١ : ٤١٦ ، وروح المعاني / الآلوسي ١٠ : ١٥٥ ، روح البيان / البروسوي ٣ : ٣٧٨.