كلّها بالتعيين والتنصيص ولا شورى ولا أثر للشورى ، بل وصل الأمر بعلماء السنّة إلى أن يقولوا : نحن مع من غلب (١) ! قالها ابن عمر عندما أقرّ ببيعة يزيد الفاجر الفاسق وبيعة عبد الملك بن مروان ، وحتّى أجمع أغلب علماء أهل السنّة أنّ الخروج على السلطان حرام لأنه فتنة ولا بدّ من السمع والطاعة ، ولو وُلّي على المسلمين عبدٌ حبشي رأسه كالزبيبة ولو ألهب الحكّام ظهور الناس بالسياط ... (٢) هذا مع أنّ القرآن يقول : ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (٣).
وهكذا ترى أنّ مسألة الشورى كنظام حكم لا أصل نظريّ لها ولا عمليّ ، والعجيب أنّه عندما تقول الشيعة : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوصى لعليّ عليهالسلام ، تجد القوم يعترضون ويكثر لغطهم ويرفعون في وجه القائل مسألة الشورى ، مع أنّ الواقع يؤكّد أنّ الحكم الإسلامي قام ولا يزال على التنصيص والتعيين.
قلت وقد وجدت نفسي محاصرا من جميع الجهات : إذن وبناء على ما قلت فالإسلام قائم على التنصيب والتعيين ؟!
أردف صديقي قائلاً : من دون أي شك : بل لقد ثبت عند جميع المسلمين ورؤساء الدين أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّ الخلفاء من بعدي اثنا عشر » (٤) ، ولقد تحيّر علماء السنّة في دلالة هذا الحديث تحيّرا عجيبا فلم
_____________________
١) هو عبدالله بن عمر حيث كان يقول : لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب [ طبقات ابن سعد في ترجمة ابن عمر ].
٢) أنظر : صحيح البخاري ٩ / ١١٣ ، مسند احمد ٢ / ١١١.
٣) سورة هود : ١١٣.
٤) أنظر : صحيح البخاري ٤ / ١٦٥ كتاب الأحكام ، صحيح مسلم ٣ / ١٤٥٣ كتاب الإمارة ، مسند أحمد ٥ / ١٠٠ ، سنن أبي داود ٤ / ٨٦.