يتوصّلوا إلى شيء من كنهه.
وقال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خمّ بعد حجّة الوداع وقبل وفاته بقليل : « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » (١) ، وهو حديث غاية في الصراحة استخلاف عليّ ، وليس كما يتأول القوم من أنه يعني النّاصر والمحبّ ، لأنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حوّل الولاية التي كانت له على المسلمين إلى عليّ ، ولو كانت الولاية هنا بمعنى النّصرة والمحبّة لكانت ولاية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على المسلمين منحصرة بذلك فقط ، والمعلوم أنّها كانت أوسع من ذلك بكثير.
وقال تعالى في حقّ عليّ : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٢) ، وقصة الآية مشهورة كما ترويها التفاسير ، حيث أنّ سائلا دخل المسجد فلم يعطه أحد شيئا وكان عليّ عليهالسلام راكعا فمدّ له إصبعه وأعطاه خاتمه (٣).
وقد ردّ بعض المعاندين بأنّ الآية شاملة ، تشمل بعد الله ورسوله كلّ من آمن وصلّى وآتى الزكاة وركع. وهذا استدلال سخيف ! إذ أنّ الصلاة مشتملة على الركوع بالبداهة ، لكن المعنى الصحيح أنّ الآية تريد أن تقول للمسلمين : لا يوجد أيّ وليّ لكم سوى ـ لوجود أداة الحصر إنَّمَا ـ الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
_____________________
١) أنظر : مسند أحمد ١ / ١١٨ و ١١٩ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٣٣.
٢) سورة المائدة : ٥٥.
٣) أنظر : تفسير الطبري ٦ / ١٨٦ ، تفسير الدر المنثور للسيوطي ٣ / ١٠٥ ، تفسير الزمخشري ١ / ٦٢٣ ، تفسير القرطبي ٦ / ٢٢١.